من العبارات الشهيرة التي حفظناها منذ الصغر، ومن خلال مشاهداتنا للأفلام المصرية القديمة، عبارة (القانون لايحمي المغفلين)! والتي طالما تندرنا بها على بعضنا البعض، خاصة عند وقوع أحدنا في «مطب» أو موقف ما! تذكرت هذه العبارة بعد أن بددت ثروتي المتواضعة، وثروة زوجتي المسكينة في سوق الأسهم، وفي أيدي مشغلي الأموال الذين زينوا لنا مع بعض وسطائهم قدرتهم الخارقة على المتاجرة بأموالنا، ودفعهم أرباح شهرية يسيل لها لعاب الفقراء والسذج و»الطيبين»؛ ولا أخفيكم بأنني قد رحت أمنّي النفس بثروة كبيرة جراء جني الأرباح «الموعودة»، مستعيناً بحاسبة صغيرة أعدّ فيها ثروتي بعد سنين، وبعد أن تتوالد «دراهمي» كما تتوالد القطط الريفية؛ وطفقت أحلامي تتطاول بعد أن أجمع « الأرانب» بلغة التجار، مودعاً إلى غير رجعة حياة الغلابة من محدودي الدخل والذين يقيمون المآدب نهاية كل شهر احتفاء بالراتب، وتخيلت نفسي وقد أصبحت مليونيرا لا تربطه أيّ علاقة بهؤلاء المثقفين «الطفرانين» الذين أتعبونا بتنظيراتهم ومثالياتهم التي لاتطعم خبزاً، ولاتبني بيتاً؛ وقلت - في لحظة تجلي - لنفسي الأمارة بالسوء، والتي طالما ألقتني (من جرف إلى دحديرا): إياك أن تتعالى وعليك بالتواضع، مذكراً إياها بأيام الطفر والعوز، وألاّ تنساق وراء الشهوات، ورحت أروضها لاستقبال وضعي الجديد، وانضمامي إلى نادي «المليونيرات»!، ولم يوقظني من أحلامي الطفولية إلا رسالة بالجوال من مشغل أموالي تفيد بأن الأرباح ستتأخر هذا الشهر، وستدفع نهاية الشهر الثالث، ورغم الشكوك التي ساورت (أم العيال) وهي بطبعها شكاكة من كل خطوة أقدم عليها، إلا أنني رحت أطمئنها بأن الرجل الذي لهف أموالنا ولأموال أكثر من 17 ألف مساهم من أهالي عسير الطيبين سيفي بوعده، مذكراً إياها بقول الشاعر:
دعيني للغنى أسعى فإني
رأيت الناس شرهم الفقير
وأبعدهم وأهونهم عليهم
وأن أمسى له حسب وخير
ويقصيه الندي وتزدريه
حليلته وينهره الصغير
أعرف أن مشكلة المواطنين الذين دفعوا أموالهم لمشغلي الاموال في منطقة عسير تحظى باهتمام سمو الأمير الجميل فيصل بن خالد، والذي طالما أعرب في أكثر من مناسبة أنه لن يرتاح له بال حتى تعود تلك الأموال لأصحابها، فالمغفلون أمثالي هم في النهاية مواطنون صالحون دفعهم حظهم السيء، وأحلامهم العصفورية إلى الارتماء في أحضان أناس لا خلاق لهم ولا ضمير, والحق أن عشرات الألوف من المواطنين الذين غرر بهم مشغلو الأموال ب(طعم) الأرباح الكبيرة هم أسماك صغيرة دفعها طمعها، وحاجتها، وعدم درايتها بخطر السباحة في بحر مليء بالتماسيح وأسماك القرش المرعبة؛ وأظنهم كانوا بحاجة إلى من ينبههم إلى خطورة مايقدمون عليه، وألا ينخدعوا بابتسامات هذه التماسيح المخاتلة والتي ستطبق على رؤوسهم بعد حين، وهو ما حصل فعلاً... فمن يعيد لنا أموالنا من؟!