يمضي العرب في محاولاتهم جلب السلام إلى المنطقة، في مقابل تمادي إسرائيل في رفع درجة التوتر بما تقوم به من أعمال منافية للإنسانية، خارجة عن كل القوانين والأعراف الدولية مستغلة تغاضي الغرب بل ودعمه لها في سلوكها العدواني الفاضح.
والعجيب هنا كيف أصبح الحق باطلاً، والباطل حقاً، فالقضية الفلسطينية التي سببها احتلال الأرض، وتشريد السكان، وتدمير المساكن وسحق الإنسان من قبل المهاجرين اليهود من أنحاء العالم لم تعد في نظر الغرب هذا الطغيان والافتراء الإسرائيلي، بل حق إسرائيل في التمدد وبناء المستعمرات وقمع السكان الأصليين وضرورة تقديم الفلسطينيين والعرب كل التنازلات التي هي أولاً وأخيراً في مصلحة إسرائيل، والأخطر من كل ذلك هذه الدعوة التي تطالب الاعتراف بإسرائيل دولة لليهود، دون أي اعتبار للحقوق التاريخية للسكان العرب من مسلمين ومسيحيين.
وهذه الدعوة إلى الاعتراف بيهودية إسرائيل تذكرنا تاريخياً بما حصل للعرب في إسبانيا الذين انتهى بهم الأمر إلى الطرد والإجلاء من الأراضي الإسبانية وتشريدهم شرقاً وغرباً لتصبح إسبانيا دولة مسيحية لا حق للعرب الذين استوطنوها قرابة ثمانية قرون فيها.
إن تمرير هذه الدعوة والقبول بها يعني إنهاء الوجود العربي في المناطق المحتلة من اليهود والتي تتكون منها إسرائيل حالياً، بما يعيد لنا صورة مآسي إجلاء العرب المسلمين من إسبانيا وتشريدهم، فهل ستقبل السلطة الفلسطينية بمثل هذا الطرح العنصري؟
وهل سيتحمل العرب المآسي التي ستنتج عن هذا الطرد المتوقع إن اعترف بيهودية إسرائيل؟
يعجب الإنسان من وقوف الغرب مسانداً لمثل هذه الدعوة التي تمثل أقسى أنواع الظلم والافتراء رغم التشدق الذي تطلقه دول الغرب عن حقوق الإنسان وما تفعله من تمزيق لأوصال دول عربية وإسلامية لحماية أقليات عاشت ضمن المحيط العربي دون أن يصيبها ما أصاب الشعب الفلسطيني صاحب الأرض من إيذاء وتنكيل من اليهود بدعم غير محدود من عالم الحريات والديمقراطية المزعومة التي تقف مع الباطل دوماً ضد الحق إن كان يرتبط بالعرب والمسلمين.