كثير ممن نالوا الشهرة وبقي لهم وهج النجاح، ولم تنطفىء فيهم جذوة الحياة في إبداعهم، هم ممن واصلوا نبض التجربة الأولى الصادمة في حياتهم، دون أن يقفوا عندها البتة، مع أنها هي التي شكلت فيهم روح المثابرة، لكنها لم تُقْصِهم عن التجديد والاستمرار، هذا يعني عدم نسيان أعمالهم الجميلة ذات الفرحة المستديمة في لا وعيهم بها، لكنهم بالتأكيد لم يقفوا عندها، فالتجارب الأولى بذور في تربة النفس، والوجدان والفكر، فمن ينسى تلك اللمعة الوضيئة التي لم تكن خافتة في عيون من حوله، وربما ألصقهم به، وأشدهم التصاقا بيومه، ونشأته؟، أمه على سبيل المثال، أو أبوه، وربما معلمه في المدرسة, وربما صديقه..؟، من ينسى خشيته من الإنكار لأي نبتة صغيرة تهادت بين يديه ممن حوله..؟، حين يخطط فوق ورقة جملا من عبارات، هو وحده قد يدري لماذا سجلها في لحظة فرح, أو إحباط، في لحظة حاجة، أو طغيانها...؟
غرائب ما يتكون من إحساس داخل الإنسان.., هو الذي يُبقي الوقدة مشحوذة.., ولا يطفئها مهما اعتراها من صدمات الحياة.., أو زوتها ظروفها، أعرف من الذين نامت في صدورهن مواهب عظيمة.., حين الجدال والحوار، أو عند محك الموقف.., تندلق تلك الجوانيات بالكثير من هالات الإبداع.., توقظ الشعور بها، بعد أن تكون الحياة قد صقلتها فيهن، وأضافت إليها عندهن.., وربما نسجتها في هدوء، وزمن أطول لتكوِّن ما يبهر السامعين أو المتلقين، ويلفت الأعناق منهم..
المشاهير يحتفظون بهذه الجذوة ..ويفعلون احتفاظا بها..
والقافزون على نجاحاتهم الأولى هم الباقون أبدا..
إن ناشئة الموهوبين ممن نتوسم فيهم قدرات فاعلة.., ونبات مثمر.. ونستشرف لهم شأنا في مجالات المنجز الإبداعي في مختلف الفنون، والآداب.., والابتكار.., إنما يحتاجون فقط.., لمن يقول لهم : تجاوزا نجاحاتكم الصغيرة.., ولا تقفوا عندها ,..
إنهم يحتاجون لأن تبقى الشعلة الأولى حيَّة فيهم..,
ولأن يتجاسروا على الطريق..
فثمة مواهب كثيرة، وتوقعات عريضة للتآزر معها، في معمعة الكلام الكثير دون الفعل...ربما تخمد وتنطفئ.