يوجد العديد من التعريفات للإدارة إلا أنه قد يكون التعريف الأقرب للإدارة أنها نشاط بشري جماعي هدفه ترجمة القرارات الحكومية إلى خدمات ملموسة للناس.
وتعتمد الإدارة في القيام بأعمالها على عناصر هامة وهي الموارد المالية وتتمثل في الميزانية السنوية التي ترصدها، والموارد البشرية أو ما يعرف بالقوى العامة المتمثلة في الموظفين والعمال ونحوهما، والجهة أو المؤسسة التي تقوم بعملية التنفيذ والتي تتمثل في الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية.
ولكي تؤدي الجهة الإدارية سواء كانت وزارة أو مصلحة أو مؤسسة عامة أعمالها بالدقة والأمانة والإخلاص فإنه ينبغي الاهتمام بعملية التطوير والإصلاح الإداري سواء بالنسبة للموارد المالية بحيث يكون الصرف المالي على الخدمات والمشروعات منطقياً ونظامياً ومتمشياً مع التعليمات والتوجيهات الحكومية، فالصرف ينبغي ألا يتجه للأمور الثانوية أو الشكلية في حين يقل الصرف على الأمور الأساسية والجوهرية التي تحقق مصلحة الوطن والمواطن.
كما أن الاهتمام بعملية التطوير والإصلاح الإداري تشمل الموظفين وذلك عن طريق متابعة أدائهم وانضباطهم وتعاملهم وتدريبهم بما يؤدي إلى تطوير أدائهم وتعاملهم مع الآخرين، فأداء العمل حسب المطلوب نظاماً والتقيد بوقت الدوام والتعامل الجيد مع المراجعين والرؤساء والزملاء هي الحدود الدنيا المطلوبة من الموظفين، إلا أنه لا ينبغي الوقوف عند ذلك، بل يجب تجاوزه إلى ما هو أفضل لأن سمات العمل الإداري التطور المستمر، فينبغي على الإدارة الاهتمام بتدريب الموظفين لرفع مستوى ثقافتهم الإدارية وتعويض من ليس لديه مؤهلات علمية عن طريق ما يتلقاه في التدريب من معلومات كما ينبغي توعيتهم عن طريق الندوات والاجتماعات وتذكيرهم بواجباتهم وعدم تجاوزها إلى مصالح ذاتية أو محسوبية.
ولقد اهتمت بلادنا بعملية الإدارة والإصلاح الإداري منذ وقت مبكر، فقد كانت البداية سنة 1355هـ بإنشاء مدرسة تحضير البعثات لابتعاث موظفي الدولة للدراسة أو التدريب خارج المملكة وفي سنة (1379هـ) تم استقدام فريق من خبراء مؤسسة فورد الأمريكية لدراسة الوضع الإداري في المملكة واقتراح البدائل المناسبة لتطويره، وقد قام أولئك الخبراء بعملهم بصورة متعمقة وتوصلوا إلى العديد من التوصيات الجيدة التي ساهمت في النهوض بالعملية الإدارية في بلادنا ومن ذلك إنشاء معهد الإدارة، والابتعاث للدول المتقدمة وإصدار أنظمة جديدة في مجال شؤون الموظفين وتدريبهم وفي مجال الشؤون المالية وإنشاء لجنة لشؤون الإصلاح الإداري.
وقد توجت هذه الإصلاحات في المجال الإداري في بلادنا بما حصل في عهد الملك عبد الله حفظه الله ومن ذلك ما يلي:
* استحداث (اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري) سنة 1420هـ وذلك لدراسة أجهزة الدولة وأنظمتها الوظيفية والمالية ودراسة الوظائف الموجودة، وقد حققت هذه اللجنة نجاحات متعددة في هذه المجالات من أبرزها دمج قطاعات التعليم الموجودة في بعض الأجهزة الحكومية مع وزارة التربية والتعليم، ودمج قطاع الاقتصاد مع وزارة التخطيط، ودمج قطاع الثقافة مع وزارة الإعلام، ودمج كليات البنات مع وزارة التعليم العالي مع إنشاء أول جامعة للبنات وإلغاء وزارة الأشغال والإسكان وتوزيع وظائفهما على وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الشؤون الاجتماعية وبعض الجهات الأخرى وإلغاء وزارة الصناعة والكهرباء وضم قطاع الصناعة لوزارة التجارة وقطاع الكهرباء لوزارة المياه التي استحدثت عام 1422هـ وإنشاء هيئة للدواء والغذاء وتعديل مسمى وزارة المعارف إلى مسمى وزارة التربية والتعليم ومسمى وزارة المواصلات إلى وزارة النقل، وصدور العديد من الأنظمة الجديدة ومنها نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وتطوير الجهاز القضائي العام والإداري.
* دمج تعليم البنات مع وزارة التربية والتعليم بحيث تكون الجهة المشرفة على التعليم العام للبنين والبنات واحدة.
* الحث على مراقبة أداء الموظفين ووضع السبل اللازمة التي تحول دون الوقوع في الفساد الإداري، وشغل الوظائف القيادية بذوي الكفاءة والأمانة والنزاهة وأن يتم قصر المزايا الوظيفية كالترقية ونحوها على ذوي الكفاية والجدية والانضباط منهم.
* منع الترقيات الاستثنائية للموظفين وتطبيق مبدأ العدالة والمساواة بينهم.
* إنشاء العديد من الجامعات في المملكة، فقد وصل عدد الجامعات حتى تاريخه (25) جامعة ومنها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
* التعديلات التي حصلت في مجال شغل المناصب الوزارية والإدارية في الجهازين الإداري والقضائي والتي لاقت ارتياحاً على الصعيد الداخلي.
* إنشاء جامعة مستقلة للبنات بالرياض وهي جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن.
* إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي تطرح فيه القضايا التي تهم المجتمع السعودي.
* إنشاء العديد من الهيئات التنظيمية في مجالات متعددة كهيئة الاستثمار وهيئة الغذاء والدواء وهيئة الإسكان.
وبعد فإن المواطن بما في ذلك الموظف العام أمام هذه الإصلاحات العديدة مطالب - وهو إن شاء الله ذلك - بأن يكون متفاعلاً معها ومتعاوناً ومدركاً لدوره في خدمة وطنه وذلك عن طريق إبداء الرأي الهادف المدروس وملاحظة الأخطاء في المجالات التنفيذية والخدمية بطريقة حضارية، وحماية المرافق العامة والبعد عن الاتكالية كما أن على الجهات والمصالح والهيئات الحكومية التركيز خلال قيامها بأداء أعمالها على الأنظمة والأهداف المطلوب منها تحقيقها وأن تقوم من حين لآخر بتوعية الموظفين حيال ذلك.
asunaidi@mcs.gov.sa