ما لفت إليه الأستاذ عبد الله عمر خياط النظر في مقال كتبه بجريدة «عكاظ» يوم السبت الماضي حول الإعلانات التي تكتب بغير اللغة العربية في الطريق إلى مكة المكرمة، أو على مداخلها، يستحق النظر فعلاً، فأنت تتجه من خلال هذا الطريق إلى مهبط الوحي والرسالة المحمدية وإلى أم القرى، فحري بنا أن يكون هذا الطريق أنموذجاً في كل شيء.
وليس هذا لأن الكتابة باللغات الأخرى عيب أو حرام، هذا ليس المقصود، ولكن خلق الهوية التي تليق بهذا المكان. وما قاله الأستاذ خياط، هو جزء يسير من الملاحظات التي يمكن طرحها حول هذا الطريق وما يحتويه. وإذا افترضنا أن عالماً غريباً، كمجرد مثال، اعتنق الإسلام بعد قناعة فيما قرأه عنه، وبعد بحث وتقصي في تراث هذا الدين، والسلف الصالح، وجاء إلى مكة المكرمة واتجه من جدة إلى مكة المكرمة. وأحسب أنني دخلت في أعماق فكره، وكيف يتصور أن يكون الطريق إلى مكة المكرمة، وماذا يتوقع أن يرى على مداخلها ؟ أعتقد أنه يتوقع أن يشاهد مباني جامعة أم القرى، ومباني رابطة العالم الإسلامي، ومباني لمعاهد وكليات علمية ودراسات إسلامية، ومباني لمتاحف، ومباني لمراكز أبحاث، ومدارس. ولكن علينا أن نتصور كيف سيصدم هذا العالم وهو يرى على الطريق إلى مكة المكرمة، وبالقرب من مدخلها، مستودعات على يمين الطريق، وكازينوهات ومقاهي ومطاعم أسماك على يمين الطريق، وقد ارتفعت إعلاناتها على سفوح الجبال....
وأكتفي بعرض هذه الصورة الحقيقية، ولا أريد التعليق عليها، لأن ما في هذه الصورة يكفي للتعبير عن ضرورة معالجة هذا الوضع وإعطاء هذا الطريق حقه.
وأرجو أن تبادر الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة بدراسة هذا الموضوع، في إطار تصور شامل لمداخل مكة المكرمة، وإعادة تشكيل البيئة والمحيط العمراني بما يليق بمكة المكرمة. وأحسب أن على غرفة مكة المكرمة أن تنشط بشكل خاص في طرح القضايا ذات الخصوصية المكية من وجهة نظر اقتصادية، فمن الضروري وضع أسس لاستثمار الميزة النسبية لمكة المكرمة في مواسم العمرة والحج، وبناء الاقتصاد المحلي بما يمكنه الاستفادة من هذه الميزة النسبية، وما يستوجب ذلك من بناء فعاليات الاقتصاد المحلي لخدمة هذه الميزة والاستفادة منها في الوقت نفسه. ومن ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، إحياء فكرة الأسر المنتجة، لرفع مستوى دخل الأسرة المكية، بالتركيز على دعم الصناعات والمشغولات اليدوية، التي يمكن أن يكون لها طلباً كبيراً من قبل زوار البيت الحرام من المعتمرين والحجاج، وهي تشكّل في مجملها قطاع الهدايا والتذكارات، التي تسيطر عليه الآن منتجات صينية في الغالب. وهذا مؤسف جداً. هذا مجرد مثال بسيط، وأعتقد أنني أود في هذه الشذرات فقط أن ألفت النظر، وأدعو إلى بحث ودراسة هذا الموضوع، وفي مكة المكرمة كفاءات وعقول وكوادر مؤهلة، وهم أدرى بشعابها بدون أي شك. وأحسب أنني أكتفي بالقناعة بأن الدال على الخير كفاعله. وما كتبت هذا إلا حباً في مكة المكرمة وأهلها.
رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض