بين يدي هذه المقالة لابد من أن أثبت حقيقة يعرفها كل من يتعامل مع هذه المؤسسة الحكومية المتشعبة المهام (الجمارك السعودية)، وهي أن رأس هرم هذه المصلحة الأستاذ صالح بن منيع الخليوي يعد من العاملين بصمت، الساعين بكل ما أوتي من إمكانيات للنهوض بهذه المصلحة لتكون كما يريد منها ولي الأمر درعاً حصيناً ضد كل من يريد باقتصاد وأخلاق هذا الوطن سوءا، وهذه الشهادة ليست بالجديدة فقد أشاد بجهوده قبلي أناس كثيرون.
ولكن هذه المقالة عاتبة وناقدة على مصلحة الجمارك التي نظمت منذ أسابيع المنتدى العربي الثاني لحماية المستهلك من الغش والتقليد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - والذي أصدر في نهاية جلساته عدداً من التوصيات من بينها الالتزام بما أقرته لجنة التعاون المالي والاقتصادي (وزراء المالية والاقتصاد) في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وما أقره المجلس الاقتصادي والاجتماعي لأصحاب المعالي وزراء المال والاقتصاد بالدول الأعضاء بجامعة الدول العربية بضرورة أن يحمل المنتج دلالة منشأ ثابتة غير قابلة للإزالة لما في هذه الخطوة من أهمية لضمان عدم تغيير دولة الإنتاج وحث الدول التي ينتج بها أو يصدر منها أو يمر عبرها سلع أو مصنفات مغشوشة أو مقلدة على فرض رقابة فعالة على هذه التجارة غير المشروعة، وكذلك حثها على تشديد العقوبات على المصدرين والمستوردين للبضائع المغشوشة والمقلدة.
وأوصى المنتدى بالعمل على إصدار مواصفات لجميع السلع بحيث تتمكن المختبرات الخاصة من تحليل الأصناف المستوردة في ضوء هذه المواصفات وتشديد العقوبات الصادرة في قضايا الغش التجاري والتقليد وانتهاك حقوق ملكية الفكرية من قبل المحاكم واللجان المختصة بنظر تلك القضايا وفقاً للأنظمة ذات العلاقة بما فيها نظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إضافة إلى عدم إصدار سجلات تجارية متعددة لنفس المنشأة وبنفس النشاط بعدما ثبت قيام بعض المنشآت المتورطة في التهريب بتغيير الاسم والسجل التجاري لتجنب العقوبات ولاستمرار نشاطها المخالف.
كما أوصى المنتدى بتعزيز أوجه التعاون بين القطاعين العام والخاص في مكافحة هذه الظاهرة من خلال سعي أصحاب الحقوق أو ممثليهم للحصول على معلومات مسبقة عن الإرساليات المغشوشة والمقلدة التي تنتهك حقوقهم أو ما يتم عرضه بالأسواق وتقديمها للسلطات الجمركية قبل وصولها للدوائر الجمركية والاستفادة من التشريعات الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الغش التجاري والسعي لإثبات المطالبة بحمايتها وضرورة أن يكون هناك برامج توعوية عالمية وخطط إعلامية لرفع وعي المستهلك بالأضرار الاقتصادية والمادية والنفسية المترتبة على شراء واستخدام هذه الأصناف، وكذلك تثقيفهم بحقوقهم من خلال رفع القضايا والمطالبة بالتعويضات عند خداعهم ببضائع مغشوشة أو مقلدة.
كما كان له رأي وتوصيات أخرى في كثير من قضايا الغش والتقليد نشرت في موقع مصلحة الجمارك وفي بعض الصحف المحلية (على استحياء)، وأنا هنا لا أريد أن أستعرض كل ما دار في هذا التجمع المهم ولكنني أريد فقط أن أثني أولاً على فكرة هذا المنتدى وعلى ما قام به رئيس مصلحة الجمارك من جهود تذكر فتشكر، وأعتب وأنتقد بكل وضوح الضعف الإعلامي الذي صاحب هذا الحدث المهم مما أثر بشكل جليل على حضور وتفاعل المجتمع بكل فئاته مع هذا المنتدى، بل إن الكثير لم يسمع به..!
أعرف أن حدثاً مثل هذا يسبقه إعلام قوي قبل فترة من الزمن ويواكبه كذلك تغطية كبيرة تكون جاذبة لمن يهمه هذا الحدث، وهذا هو ما تسعى له مثل هذا المؤتمرات والمنتديات، كذلك يتبعه تغطية تركز على استثمار ما دار في الأروقة وما صدر من توصيات، ولكن بكل أسف أن شيئاً من ذلك لم يحصل..! وبذلك فقد هذا المنتدى جزءاً كبيراً من أهميته وأضاع فرصة كبيرة كان يمكن أن يحققها لو كان للإعلام نصيب من أجندة المنظمين.
لقد صدمت وأقولها بكل صراحة من عدم استثمار مصلحة الجمارك هذه المناسبة في القيام بحملة توعوية كبيرة لاعتقادي بأن ذلك حدثاً مهماً جداً وله نتائج إيجابية كبيرة لو قدر وأن تعامل القائمون على المنتدى مع الحدث بحرفية لانقول عالية ولكن بالحرفية المعتادة في مثل هذه المناسبات.
كتبت قبل هذه المقالة أكثر من مسودة وعدلت عنها لما تحمله من نقد قد يكون قاسياً في حق رجال اجتهدوا، فكان لهم نصيب المجتهد، ورأيت أن هذه المقالة هي الأنسب لأنني أريد من ذلك تنبيه القائمين على هذا المنتدى بأهمية استثمارهم هذه الفعالية الدولية بما يخدم الهدف الأسمى، كذلك أنقل لهم عتب الكثير من زملاء المهنة الذين لم توجه لهم دعوة ولم يزودوا بالمعلومات التي تساعدهم في المساهمة بشكل أو بآخر في حماية المستهلك.
ملاحظات أساسية أردت تسطيرها هنا لعل وعسى يتذكرها المعنيون بهذا المنتدى في دوراته القادمة. والله المستعان