من أوصل الأوضاع في السودان إلى حالتها الراهنة التي تهدد بتفتيت هذا البلد العربي الأكبر مساحة في الوطن العربي؟!
هل اكتشاف النفط، وما يقال عن اختزان الأراضي السوداني إلى احتياطات نفطية ضخمة وراء تجدد الخلافات بين الشمال والجنوب..؟!
أم وجود المياه الجوفية الضخمة التي يقول الجيولوجيون إن دارفور تعوم على بحيرة من المياه التي ستصبح أهم وأغلى من النفط في العقود القادمة ولهذا فإن القبائل العربية والإفريقية تتناحر للسيطرة عليها..؟!
أم أن الصراع الأيديولوجي الديني والفكري وراء كل ما يحدث في السودان بعد أن أشاعت الكنائس والمستشرقين أن السودان الذي كان بوابة العرب المسلمين إلى إفريقيا، استعاد دوره في تنشيط الدعوة الإسلامية التي حدّ دعاتها الكثير من نشاط المبشرين في إفريقيا، وخاصة في جنوب السودان وفي الدول المجاورة. ولهذا فإن منظمة الكنائس المسيحية العالمية لا تخفي دعمها ومساندتها للمتمردين الجنوبيين ومدّهم بالمال منذ أيام التحرر الأول الذي قادته منظمة (الأنيانيا 1).
إضافة إلى كل ذلك لا يمكن إخفاء دور الكيان الإسرائيلي في تأجيج المشاكل وإثارة بؤر التمرد في السودان وفي كل الدول الإفريقية التي لها علاقات جيدة مع الدول العربية أو تلك التي للعرب مصالح حيوية بها..؟!!
كل هذه الأسباب لا تخفي دور الحكومات السودانية المتعاقبة التي حكمت السودان منذ الاستقلال عام 1956 يوم فصل السودان عن مصر؛ إذ تعاملت تلك الحكومات على أن الجنوب والأطراف الأخرى في دارفور والشرق ما هي إلا أجزاء مهملة من الوطن محرومة من التنمية والاهتمام، ومع هذه الخاصية تشترك فيها الكثير من الدول النامية والعربية منها، إلا أن تنافر القوميات والأديان يساعد على اختراق الأطراف لكشف تقصير المركز مما يساعد على اندلاع الفتن والتمرد وصولاً إلى تفشي الحروب التي تنتهي كثير منها بالانفصال مثلما يخشى أن تنتهي إليه قضية الجنوب السوداني الذي أصبح شبه مُسَلَّم به؛ حيث أخذت كثير من الدول تستعد للاعتراف بدولة جنوب السودان بعد أن وجدت ترحيباً بل حتى إغراء من الولايات المتحدة الأمريكية التي استقبل كونغرسها رئيس إقليم جنوب السودان سلفاكير كرئيس دولة وفتحت معه جلسة نقاش بعيداً عن الدولة المركزية التي سلمت بكل ما أرادته واشنطن بالنسبة لهذه القضية، ومع هذا فإن خطوات فصل الجنوب تسير بوتيرة عالية وبدعم من اشترطوا على الخرطوم اتفاقية سلام ستنتهي بالانفصال.