|
حاورته - منيرة بنت عبدالله :
نادراً ما تجتمع الثقافة والسياسة والفلسفة والنظريات العلمية في شخصية واحدة وإن اجتمعت فقلَّما تكون الإجادة بمستوى التخصص في كل واحد من هذه المجالات.. وهو أمر لم يتوافر إلا في شخصية العالم والمفكر والفيلسوف والسياسي نعوم تشو مسكي الذي يُعد أحد أشهر علماء ومفكري وفلاسفة القرن العشرين والواحد والعشرين, بل يُعد أكثر علماء اللغة تأثيراً على وجه الأرض.. فقد سجَّله التاريخ كأحد مؤسسي علم اللغة الحديث والشخص الأبرز الذي لفت أنظار علماء التخصصات الأخرى.. وأثار اهتمامهم بدراسة هذا العلم نظراً لارتباطه بأكثر من مجال علمي كالطب النفسي والعصبي وصعوبات النطق وعلم الآثار والاجتماع وعلوم الحاسب والرياضيات والسياسة وغيرها.
ولد قبل 82 عاماً من اليوم ولتشومسكي في المجال السياسي مواقف أثارت الكثير من الجدل منذ الستينيات الميلادية الماضية، فهو وإن تحدث بنبرته المعروفة الهادئة للاعتراض على ممارسات لا يراها مقبولة إلا أن تحليلاته وآراءه تتجاوز الآفاق بسرعة كبيرة.. له مؤيدوه - أو ما يُسمون بالتشومسكيين - وله معارضوه, وبينهما من يوافق ولا يوافق على أطروحاته في ذات الوقت.. يعمل تشومسكي كأستاذ جامعي مدى الحياة في قسم علم اللغة والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا, وبعد إسهاماته الفريدة والرائدة باتت الكثير من الجامعات تتسابق لكسبه عضواً شرفياً أو ضيفاً متحدثاً في أروقتها. وما زال البروفسور تشومسكي يقضي وقته في إلقاء المحاضرات والخطب في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم ويقضي ساعات طوالاً - كما أفاد ل (الجزيرة) - في تصفح بريده الإلكتروني والرد على الرسائل التي ترده.. كانت بداية الثورة العلمية التي قادها تشومسكي في الخمسينيات عندما قدم للعالم نظرية «النحو التوليدي - التحويلي» توالت بعدها العديد من المبادئ والنظريات التي كتب عنها تشومسكي في مئات الرسائل والمقالات العلمية والبحوث وعشرات الكتب.. هذا الأمر ساهم في تصدر اسمه قائمة أكثر المفكرين الأحياء تأثيراً في العالم طبقاً لتصويت عام أجرته مجلتا «بروسبكت» البريطانية و «السياسة الخارجية» الأمريكية عام 2005، بالإضافة إلى كونه المرجع الوحيد الحيّ في قائمة أكثر 10 أشخاص ومراجع يستشهد بكتاباتهم وأقوالهم مثل شكسبير وأرسطو وأفلاطون ونيله العديد من الجوائز والألقاب الشرفية والتكريم الأكاديمي حول العالم.. كما أنه قدَّم العديد من الأسباب التي تدعوه للإيمان ب «فطرية اللغة» أبسطها - كما ذكر في أحد لقاءاته - أن اللغة لو لم تكن فطرية لن يكون هناك فرق بين حفيدته ولا الصخرة ولا الأرنب عند تعريضهم لمجتمع يتحدث اللغة الإنجليزية مثلاً, فالرافضون لمبدأ فطرية اللغة لا بد أنهم - بحسب تعبيره - يعتقدون أن الثلاثة يمكنهم اكتساب اللغة بهذه الطريقة.. يقول تشومسكي بأن أول سنتين من دراسته الجامعية لم تكن بقدر تطلعاته باستثناء دروس الفلسفة واللغة العربية. ويُعرف تشومسكي بموقفه العلني تجاه القضية الفلسطينية وانتقاده المستمر للقمع والاحتلال الإسرائيلي. إنجازاته العلمية لا يمكن اختزالها في بضعة أسطر.. ونظراً لازدحام جدوله بالكثير من الالتزامات الأكاديمية والمحاضرات وسفره المستمر للإيفاء بها طوال الأشهر الماضية فقد تركز حواره مع «جريدة الجزيرة» على أهم القضايا الجدلية التي أثارها مؤخراً والتي أحدثت ردود فعل متباينة لدى الأكاديميين والمحللين والشعب الفلسطيني بشكل خاص.. وقد اعتذر تشومسكي بلباقة عن عدم إمكانية الإسهاب في الإجابة على بعض الأسئلة.. لذلك لم يشمل الحوار الاستفسار عن الكثير مما كتب في علم اللغة والفلسفة.
- ما الطابع الغالب في شخصيتك: اللغوي أم الناشط السياسي؟
- إن القضايا العلمية أكثر تشويقاً وتحدياً، فإذا ابتعد العالم عنها سأتمسك بها وأنا سعيد، إلا أن العالم لا يبتعد، لذلك هناك دائماً مطالب ملحة لتركيز الانتباه على النشاط السياسي.
- «للولايات المتحدة شبكات إرهابية (دول إرهابية) وإسرائيل واحدة من تلك الدول»، هذا ما قلته في المركز الثقافي الفلسطيني للسلام (بوستن - ماساتشوستس 2009) فما هو تعريفك للإرهاب؟
- ظللت أكتب عن الإرهاب على نطاق واسع منذ تولي رونالد ريغان الحكم عام 1981 م حيث أعلن أن الحرب على الإرهاب ستكون محوراً مركزياً لإدارته.. وقد قمت أنا باستخدام التعريفات الأمريكية والبريطانية الرسمية، ويُعتبر هذا بحد ذاته أمراً شائناً لأنه يُلزم منطقياً أن تكون الولايات المتحدة دولة رائدة في الإرهاب وتستخدم شبكة من الدول الإرهابية.
- ذكرتَ خلال المقابلة الخاصة ببرنامج (القدس تنادي) الذي يبث عبر الإذاعة الرقمية للمجلس الأمريكي للمصلحة الوطنية في يوليو 2010 بأنك تؤيد مقاطعة الشركات الأمريكية.. ولكنك تعارض مقاطعة إسرائيل لأن مقاطعتها «تضر بالفلسطينيين»، هل تقول بأن مقاطعة الولايات المتحدة التي تساند الإسرائيليين لن تضر بالفلسطينيين؟
- لم أقل شيئاً من ذلك، غير أن البعض في البرنامج ربما نسبوا إليّ مثل هذه الآراء.
إنني لا أُنادي بمقاطعة «الولايات المتحدة» لأن ذلك سيكون بلا معنى والأحرى مقاطعة الشركات الأمريكية المتورطة في نشاطات إجرامية مثل مساندة الاحتلال ولأجل إنهاء تدبير الأسلحة والمساعدات العسكرية الأخرى لإسرائيل طالما أنها تستخدم في النشاطات الإجرامية انسجاماً مع القانون الدولي والقانون الأمريكي (ومطالبة منظمة العفو الدولية).. ولا يوجد سبب واحد لافتراض أن ذلك سيؤذي الفلسطينيين.. بل على العكس حيث إن ذلك سيساعدهم.
- أنا استمعت للمقابلة - مالذي نُسب إليكم بالضبط؟ تفضيل مقاطعة الشركات الأمريكية على مقاطعة إسرائيل.. أم معارضة مقاطعة إسرائيل.. أم قولكم عند سؤالكم عن موقفكم تجاه مقاطعة إسرائيل: «إنني أعارض مقاطعة أعتقد بأنها تضر بالفلسطينيين.. وسبب كون هذه المقاطعة مضرة جلياً جداً, إنها نفاقيّة إلى الحد الذي يشكك في كامل الجهد المبذول.. ما أعنيه: هو لماذا مقاطعة إسرائيل.. وليس الولايات المتحدة.. وهي التي لديها سجل أكثر سوءاً»؟
- إنني أعارض الأفعال التي تضر بالفلسطينيين.. إن الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل ستضر في الواقع بالفلسطينيين حسب الأسباب التي ذكرتها، وذلك يمثّل سبباً كافياً لمعارضة هذه المقاطعة.. إلا أن ذلك ليس السبب الوحيد حسب ما يؤكده سؤال المقابلة.. وهناك العديد من الأسباب الأخرى. وحتى الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة لا يقاطعون إسرائيل.. في واقع الأمر كان من الصعوبة حتى تطبيق سياسة مقاطعة منتجات المستوطنات وهي السياسة الأكثر محدودية (والأكثر معقولية).. وهكذا كانت إجابتي على سؤال المقابلة إجابة صحيحة على الرغم من إمكانية توسيعها وتفصيلها.
- كما هو معروف فإن الإسرائيليين لا يعتمدون كلياً على الولايات المتحدة أو على دعم - أي بلد آخر مثل السابق.. ففي هذه الأيام تملك إسرائيل نشاطاتها الخاصة في التجارة وبرامج الأسلحة النووية والذكاء الإصطناعي... إلخ.. وهي مسألة مصالح متبادلة مع العديد من الدول.. لذا هلا تؤدي مقاطعة إسرائيل إلى إضعاف موقفها فيما يتعلق بهذه الجوانب ويؤدي إلى تراجع الدعم الأمريكي؟.. إنني أطرح عليك هذا السؤال على أساس إنكارك الطويل لنفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة في أمور كثيرة باستثناء مجال الأعمال.
اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة هو اعتماد ضخم.. فبدون الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي الأمريكي لكانت أُجبرت على قبول الإجماع الدولي (الذي يضم أوروبا) والخاص بالتسوية السياسية.. ولكن دعينا نفترض أن تأكيدك كان صحيحاً، عندها مقاطعة إسرائيل لن تحدث اختلافاً كبيراً.. إن إفادتك فضلاً عن كونها غير صحيحة كانت قريبة من التناقض الذاتي.. لا أستطيع الرد على صيغ كهذه.. أما بالنسبة «لإنكاري الطويل لنفوذ اللوبي اليهودي» فإنه يمثل كذبة أخرى تدور في ثرثرة الإنترنت.
- هذه مقتطفات من مقال غالي حسن المعنون ب (حماية إسرائيل: طريقة تشومسكي):
«ظلت حماية إسرائيل والصهيونية واجباً مقدساً لتشومسكي منذ عهد باكر.. فتشومسكي ينكر علناً وجود لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة.. ولا يوجد لدى تشومسكي وقت لتناول دور الكونجرس في سياسة الولايات المتحدة والذي يضم 11 عضواً.. لا يوجد أدنى شك في كونهم يهوداً مؤيدين لإسرائيل من أصل 100 عضو من أعضاء الكونجرس.. ويتجه نقد تشومسكي في كثير من الأحيان ضد البيت الأبيض والرئاسة الأمريكية بينما يتجاهل قوة الكونجرس... كما أن تشومسكي لا يخشى انتقاد إسرائيل ( إذ لا بد أن تفعل ذلك).. ويقوم في بعض الأحيان بوصف إسرائيل - للتبرير - ب «الدولة الإرهابية» بسبب معاملتها الوحشية للشعب الفلسطيني.. ولكن تشومسكي يضع مسؤولية كل الجرائم الإسرائيلية على الولايات المتحدة... وهذا يمثل جزءاً من الدعاية ويمنح الناس شعوراً بالسعادة.. هي ضد الأمركة والناس يحبون ذلك... إن تحليل تشومسكي للشرق الأوسط يعاني من ميوله لجعل العرب (شياطين) بينما بطريقة خفية يدافع عن مجموعته العرقية الخاصة.. ولم تكن آراء تشومسكي المبكرة تختلف عن آرائه اليوم.. يجب على الأشخاص الذين لديهم ضمير أخلاقي وعقل متفتح أن لا يقعوا في شرك تشومسكي».. ما رأيك؟
- ليس هناك ما يدعوني لأفكر في ذلك طالما أن كل ادعاء حقائق ما هو إلا تلفيق.. ذلك هو السبب في عدم وجود جهد لتقديم دليل على الافتراءات مثلما يتم في أي عمل شريف وأمين.. قد يتساءل المرء.. لماذا يُعتبر عملُ كهذا جديراً حتى بالتعليق عليه؟
- بالإشارة إلى ردة الفعل الإسرائيلية السلبية تجاه مبادرة السلام العربية هل تؤمن حقاً بإمكانية قيام دولة ثنائية تكون القدس عاصمة لها، ليس من الناحية النظرية.. ولكن من الناحية العملية؟
- نعم، وذلك لأسباب قد كتبت عنها بإسهاب.
- هل تشعر بأن وسائل الإعلام الأمريكية تتجاهلك؟
- هذه حقيقة, ولكنها غير مفاجئة.. نادراً ما تمنح الأصوات ذات الرأي المختلف أكثر من العرض الهامشي ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن في كل مكان.
- هل تم تهديدك بسبب آرائك السياسية؟ إذا كان كذلك فمن هددك؟
- بالطبع، لقد عشت التهديد بالقتل 50 سنة تقريباً.. كثيراً ما كنت تحت حماية الشرطة في أحاديثي خصوصاً تلك المتعلقة بشؤون الشرق الأوسط.. ولقد كنت قريباً جداً من الحكم عليَّ بالسجن الطويل.. ولكن لم يكن ذلك يشكّل «تهديداً» حقيقياً.. لقد كانت ردة فعل حكومية لنشاطات مقاومة شديدة العلنيّة.. وهي تخالف القانون وبذلك اتهمتني الحكومة.
- أقتبس عنك هنا: «لقد كنت منتقداً لفكرة الدولة اليهودية حتى قبل تأسيسها».. إنك اليوم تُسمي تلك « الدولة اليهودية» ب «إسرائيل» وتنتقد غطرستها كبلد مستقل قوي.. أليس ذلك اعترافاً ضمنياً بشرعيتها من جانبك سواء كنت مدركاً لذلك أم لا؟
- إن إدانة جرائم دولة ما لا يتضمن أي شيء حول «شرعيتها» مهما يعني ذلك.. لا توجد دول «شرعية» بالوراثة.
- هل صحيح أن كثيراً من اليهود يعارضون الدولة اليهودية لأنها تؤشر لبداية نهاية تلك الأمة, أو كما يصفهم الشاعر حاييم غوري: «إنهم يولدون والخناجر في قلوبهم»؟
- ربما البعض منهم.. كم عددهم لا أعرف.. (ولا يمكن لأي شخص آخر أن يعرف).. لذلك لا يمكن الإجابة على هذا السؤال.. ولا أرى لماذا يُطرح عليَّ هذا السؤال حتى ولو كانت الإجابة عليه ممكنة.
- بعض النقاد السياسيين والكُتّاب وكذلك هناك آخرون يصفونك بأنك «مفكر ومعلق سياسي راديكالي»، كيف تصف نفسك؟
- لا أصف نفسي.
- بالعودة إلى عام 2005 حينما أجرت معك إيما بروكس من صحيفة الغارديان البريطانية مقابلة وسألتك عن ما حدث في البوسنة وبعد كل التناقضات والجدل الذي أعقب نشر تلك المقابلة لدي سؤالان فقط فيما يتعلق بتلك القضية.
1 هل كانت هناك مذبحة في سيربنيتسا.. وهل حدثت إبادة جماعية سنة 1995 م؟
2 ما هي العلاقة بينك واللجنة العالمية للدفاع عن سلوبودان ميلوسوفيتش؟
- بالطبع كانت هناك مذبحة في سيربنيتسا.. قليلاً ما أستخدم تعبير «إبادة جماعية» حتى للمذابح التي ترتكبها الولايات المتحدة وحلفاؤها ويرتكبها آخرون والتي هي أسوأ بكثير من مذبحة سيربنيتسا.. لقد تم تسييس المصطلح والتقليل من شأنه بطرق تبدو لي تقترب من إنكار محرقة الهولوكوست.. ولا أعرف أي شيء عن اللجنة العالمية.
- كيف ترى ردة فعل الولايات المتحدة والتغطية الإعلامية الأمريكية للكارثة الطبيعية التي حدثت مؤخراً في باكستان؟
- بكل أسف كانت ردة الفعل محدودة جداً لعدة أسباب من بينها - أفترض - المواقف الناقدة لباكستان.
- إلى أي مدى تساعد دعاية الشركات في تأجيج الحروب حول العالم؟.. وهل فيض برامج التسلية وعالم الفن ومدن الترفيه وألعاب الفيديو وغيرها صُنع عمداً لعزل الناس (خصوصاً الأطفال) عن القضايا الهامة والتفكير الناقد؟
- بدون شك تؤثر كثيراً.. لا يمكنني هنا عمل أي إضافة إلى ما كتبت بتوسّع حول هذا الموضوع.
- بعيداً عن السياسة وبالاقتراب أكثر من علم اللغة (اللغويات)، يعتقد ديفد كريستال البروفسور الشرفي لعلم اللغة في جامعة ويلز - يعتقد أن الإنترنت سوف يقتل التهجئة التقليدية للكلمات الإنجليزية في خلال العقود القليلة القادمة.. هل توافقه الرأي؟
- ربما.. أيضاً استخدام موقع تويتر (Twitter) والرسائل النصية.. إلخ.. لقد رأيت ذلك فعلاً.
- ما زلت تترك وتتخلى عن نظرياتك وأكاد أسمعك تقول: «هذه هي» في كل مرة تأتي فيها بمبدأ علمي جديد.. ما الذي يجعلك متأكداً إلى هذا الحد بأن هنالك هيكلاً عاماً للغة؟
- في العلوم الطبيعية أو في أي استفسار جاد لقد أُخذ عن يقين بأن النظريات سوف تتغير عندما يتم التعلم أكثر.. وفي حال قيام أي شخص بتدريس نفس ما كان يدرسه في فروع المعرفة هذه قبل 10 سنوات فإما أن يكون المجال قد مات.. أو أنه مات فكرياً.. يبدو أن ذلك لم يفهم بصورة واسعة.. النظريات لم يتم «تركها» بل يجري تنقيحها ومراجعتها وآمل تحسينها وأتوقع استمرار ذلك إلى مدى بعيد في المستقبل.. إذا لم تكن هناك مبادئ عامة للغة (هيكلاً عاماً إذا أحببتِ)، فعندئذ فما نقوم به أنا وأنتِ الآن عبارة عن معجزة.
- مالذي يمكن أن يحسن كفاءة الترجمة الآلية؟
- كان شعوري قبل 60 سنة أن المعالجة الأكثر عملية للترجمة الآلية هي القوة الجبرية التي لديها من الاهتمام الفكري ما يماثل صناعة بلدوزر أقوى من ذي قبل. وأعتقد بأن الحالة ما زالت كما هي.. يجب أن لا يدهشنا ذلك, فلقد استغرقت العلوم الأساسية وقتاً طويلاً جداً لتقديم مساهمة فعلية هامة للمهن العملية (كالهندسة والطب... إلخ).. وفي الواقع كان أغلب التأثير في فترة حياتي.. أن دراسة الأمور الأكثر تعقيداً مثل الذكاء الإنساني ومظاهِره من غير المحتمل أن تخل بذلك النمط التقليدي.
- يدهش كثيرون.. إذ كيف يمكن لعالم لغوي مميز مثل تشومسكي أن لا يكون شخصاً ثنائياً أو متعدد اللغات, هل حاولت في وقت ما تعلُّم لغات أخرى؟ إذا كان كذلك، ماهي تلك اللغات؟
- قد يُفاجأ كثيرٌ من الناس أن المختصين في الأحياء النظرية ليسوا بجامعي أزهار.. أنا أستخدم معلومات من لغات متنوعة كثيرة.. حيث إن ذلك يبدو لكِ ظاهراً مما أكتبه، ولكنني لم أكتسب فيها الطلاقة.
- لقد تمت مقارنتك بسيغموند فرويد وجان جاك روسو وألبرت آينشتاين وحتى بإلفيس بريسلي.. هل خطرت مثل هذه المقارنات على بالك يوماً ما في طفولتك.. أو عندما كنت تبني قسم علم اللغة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من لا شيء؟
- لا, وهي لا تخطر على بالي الآن.
- ما رأيك في سلسلة الرسوم الهزلية «مغامرات نوام تشومسكي وكلبه بريدكيت»؟
- لم أسمع بها.