هل فاجأ أحداً منا تقريرُ مجلة فوربز الأمريكية الأحدث الذي أوضح أن مراصدها للرأي العالمي تضع الملك عبد الله في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث النفوذ والتأثير؟
نحن نعرف تأثيره الإيجابي الواضح داخلياً في وطننا ومنطقتنا المليئة بألغام النزاعات القديمة والمستجدة والمتجددة.. ولكن أن يحتل الرتبة الثالثة عالمياً، وبعد تسع سنوات من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي وضعتنا كلنا سعوديين وعرباً ومسلمين في أسوأ خانات المواطنة العالمية، شيء يستوقف المتابع المتأمل، ويستحق التفكير.
عبد الله بن عبد العزيز: رجل بدوي هادئ، يعي بنقاء سريرة فطري جوهر تعاليم الدين الإسلامي القويم، ويميز بين اللب الأصلي والقشور والتلفيات الأيديولوجية الموجهة لخدمة الذات من صنع بشر مجهلين أو مستفيدين من التجهيل.
استراتيجيته ليست التباعد بل التقارب, وأسلوبه ليس في تشييد جدران الفصل العالية الحامية، ولا بشحذ سكاكين قطع العلاقات بين المجتمعات, ولا بالبتر لأعضاء الجسد الوطني الحميم، ممن طالهم تلوث الأفكار بوباء الرأي الواحد فسبب حالات سرطانية مستشرية في الفكر السائد، متنامية بشراسة, تجد مادة غذائها وبقائها في نشر المزيد من أفكار الإقصاء والتكفير والتفرقة وتبرير العنف بوصفها أسلوباً لإقناع الآخرين، والقضاء على مقاومتهم، بل وجد الرجل الحكيم الحل في تعبيد الطريق إلى إعادة التأهيل, واستعادة أجواء الأمان محلياً وعالمياً عبر التفاهم القائم على الحوار الحضاري.. وعبر تطعيم جذور مرئيات المجتمع بمبادئ جديدة لمعنى البشرية والإنسانية والفعالية وعلاقة الفرد بربه وبأهله وبوطنه وبغيره خارج حدود الوطن والجوار الحميم.
رجل ثاقب النظرة وسليم النية وواثق من الوجهة المثالية للجميع؛ يفضل البناء على الهدم, ويؤمن بالتغير الإيجابي المدروس، ويسعى إلى تأسيس تداعم عام يضمن استمرارية التعايش والرضا عالمياً, في ذات الوقت الذي يؤمّن للمنطقة والوطن أساسات مستقبل يحمي محاضن التنمية الحضارية المستدامة وبتفاصيل مرغوبة.
وفي التفاصيل مربط الفرس لهذا الفارس الأصيل.
قائد المسيرة الذي يؤمن بضرورة تدعيم احترام الأصدقاء، ويتجنب حصاد حقد العداوات, ويطلب من كل مواطن أن يكون سفيره المشرف إلى العالم، وأن يضيء وجوهنا وسمعتنا الطيبة أمام الجميع.
ولهذا يرى الراصدون للرأي العالمي أن هذا الرجل المستشرف للمستقبل الأفضل والمؤمن بمصافحة الآخرين، هذا الملك الجليل خادم الحرمين الشريفين وصاحب المبادرة العربية للسلام، والمؤسس على أرض ثول جامعته العالمية للعلم والتقنية «كاوست» الجادة التوجه مركزة على البحث العلمي، والمضيف المرحب الداعي إلى مؤتمرات الحوار الفكري الوطني محلياً وحوار الأديان كونياً, يستحق بجدارة أن يقف بين أوائل الأفراد الأقوى تأثيراً في مجريات الأمور ورؤية العالم ووجهته المستقبلية.
ولم يكن ذلك مستغرباً؛ فالرجل الهادئ الحكيم جاء بشيء لم يأتِ به الغير غرباً أو شرقاً ممن يشار إليهم عادة كقدوة في قراراتهم لتطوير العالم.. جاء بفكرة إعادة التأهيل بدءاً بالتثقيف وتغيير منطلقات الحكم على الآخر المختلف وانتهاءً بالاحترام المتبادل والتعامل الحضاري.
فكم نحن محظوظون بأنه - أطال الله عهده الميمون - قائدنا نحن بالذات في مسيرة البناء