قبل ثلاثين عاماً كان أعلى سعر للكتاب الجامعي لا يتجاوز 20 ريالاً، وكانت مكافأة الطالب الجامعي 840 ريالاً، والآن يصل سعر الكتاب إلى 350 ريالاً، وقد يصل إلى سقف 800 ريال أحياناً كما أوردت ذلك إحدى الصحف، ومازالت مكافأة الطالب الجامعي 840 ريالاً، بمعنى أن الطالب قد يستدين في بداية كل فصل دراسي لشراء كتبه المقررة، ويسدد من المكافآت في الأشهر التالية، فهل يعقل أن مكافأة الطالب لم تتغير منذ نصف قرن أو أقل، رغم كل حالات التضخم والارتفاع العام في الأسعار؟! ألا تصل صرخات هؤلاء الطلاب المساكين إلى مسامع الجالسين تحت قبّة الشورى مثلاً؟ ثم لماذا يقف هؤلاء الأعضاء في المجلس ضد زيادة مكافآت الطلاب والطالبات الجامعيين، رغم موافقة وزارة التعليم العالي ودعمها لذلك؟
يعترضون بأن المكافأة كافية للطالب الجامعي خاصة إذا أدركنا أن الجامعات توفر السكن في حال توافره (ركّزوا على حال توافره)، والجامعة - كما يقول هؤلاء - توفر للطلاب وظائف مؤقتة بمكافأة لا تزيد عن ألف ريال في حال توافرها (أيضاً ركّزوا على حال توافرها)! ثم يشير هؤلاء إلى الوجبات الغذائية المخفّضة في المطعم الجامعي، ولا أعرف أين يعيش هؤلاء الأعضاء؟ هل هم أبناء الواقع، أم أنهم يعيشون في عالم لا نعرفه؟ ألا يدركون أن معظم الطلاب يستأجرون غرفهم المتواضعة خارج الحرم الجامعي؟ ألا يدركون أن ذلك يجبرهم على دفع قيمة مواصلات شهرية، سواء بسياراتهم الخاصة أم بسيارات الأجرة؟ ولنفترض أن الطالب الجامعي من أبناء المدينة، وأنه يعيش مع أهله، ألا يزور هؤلاء المكتبات التي تبيع المقررات الجامعية كي يقفوا على أسعارها المتضخمة؟ ألا يفهمون أن الطالب الجامعي حتى وهو بين أهله متورّط بتكاليف الأبحاث والطباعة والتصوير والإنترنت لأغراض البحث ودروس التقوية وفاتورة الهاتف المحمول ومصروف البنزين... و... و... إلخ.
ثم إن المستوى العام للأسعار في ارتفاع مستمر مع انخفاض قيمة الريال إلى حد كبير على مدى السنوات العشر الماضية، فما كنا نوفره بعشرة ريالات لا نستطيع الآن توفيره بأقل من خمسين ريالاً، بمعنى أن مبلغ 840 ريالاً شهرياً لا تعادل 400 ريال قبل عشر سنوات!
يا أعضاء المجلس المحتجّين، هل تعرفون أن العمالة المنزلية ارتفعت مرتباتهم بنسبة لا تقل عن 33%؟ فالخادمة الإندونيسية تحصل على راتب 800 ريال بعد أن كانت تحصل على 600 ريال قبل سنتين فقط، بل لأقرب لكم المسألة، لماذا لا تضعون الطلاب الجامعيين والطالبات الجامعيات في مقام الخادمة الفلبينية؟ ألم تفرض الحكومة الفلبينية زيادة مرتبها من 800 ريال إلى 1500 ريال؟ ما رأيكم أن نتعامل مع بناتنا الطالبات وأبنائنا الطلاب بحنان وشفقة، كما عملت الحكومة الفلبينية مع مواطنيها؟ وأن نقف جميعاً مع قرار زيادة مكافآتهم؟
يا أعضاء المجلس، عليكم أن تخافوا الله في أبنائنا وبناتنا، يكفي أنهم يكدحون قرابة أربع سنوات في الجامعة وهم في رعب ووجل من شبح البطالة المنتظر، دعوهم يتعلّمون بسلام، فليس كل العائلات قادرة على أن تصرف على أبنائها، بل هناك من العائلات الفقيرة من تنتظر من أبنائها وبناتها الصرف على بيوتهم من مكافآتهم المتواضعة، فلا تقفوا أمام الطلاب والطالبات المحتاجين أي زيادة تساعدهم على أعباء الدراسة، خاصة أنهم وحدهم الذين لم يستفيدوا من الزيادات التي نالها الموظفون في الحكومة والقطاع الخاص بمن فيهم أساتذة الجامعات، بل إنهم تضرروا من ارتفاع الأسعار، مع أنهم الأولى بالحصول على الزيادة نظراً لضآلة مكافآتهم.