ديننا الإسلامي الحنيف دين الوضوح بعيداً كل البعد عن الغموض تعاليمه واضحة وتوجيهاته جلية وأحكامه كلها يسر وسهولة هكذا نزل به الروح الأمين عليه السلام على قلب محمد النبي الأمي الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
جاء الدين كاملاً شاملاً لكل شيء {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} ومن ذلك الوضوح أن الركن الخامس الحج إلى بيت الله العتيق لا يجب على المسلم أو المسلمة إلا مرة واحدة في العمر وهذا من التيسير على عباد الله ومن لا يستطيع سقط عنه جاء في كتاب الله {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} وفسرت الاستطاعة بالقدرة المالية والجسدية وتزيد المرأة بوجود المحرم.
وحيث بحمد الله تيسرت سُبل الوصول إلى بيت الله العتيق ومسجد النبي الكريم نظراً للعناية الفائقة التي تُعنى بهاتين المدينتين من قبل الحكومة الرشيدة حيث التجديد والتطوير للمشاعر المقدسة والخدمات لكافة قطاعات الدولة يتم من خلالها خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والزوار على قدم وساق على مدار العام وكثرة الحجيج من الداخل والخارج يؤكد ذلك.
ونظراً لصغر المساحة التي لا تسمح باستيعاب أعداد إضافية من الحجاج رأت الدولة -وفقها الله- وضع ضوابط لتنظيم الحج كل عام فحجاج الخارج يأتون وفق نسب محددة لكل دولة بحسب عدد سكانها ووفق تنظيم خاص بذلك، وحجاج الداخل من السعوديين والمقيمين ثم وضع ضوابط لذلك بحيث لا يُسمح بدخول المشاعر المقدسة إلا لمن يحمل تصريحاً وبصحبة حملة من حملات الحج المصرح لها التي تم تحديد الأعداد التي يمكن لهذه الحملة أو تلك أن تقدم خدماتها لهم وبذلك تكون الخدمات المقدمة للحجيج وفق تنظيم دقيق وبالتالي يتم توفير الإمكانات التي من خلالها تقديم خدمة أفضل لضيوف الرحمن وذلك ما تحرص عليه حكومة المملكة وتؤكد عليه في كل المحافل، بل تعتز وتتشرف هذه البلاد حكاماً ومحكومين بتقديم خدمات جليلة لمن يصل إلى هذه الديار المقدسة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام العظيم.
وبالأمس القريب دشن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة حملة (لا حج بلا تصريح) فقدم لتوعية الجميع من المواطنين والمقيمين بهذا الأمر فيحج منْ حصل على تصريح وانتظم في إحدى الحملات المصرح لها من قبل وزارة الحج وهي الجهة المعنية بذلك، فالأمل بالجميع أن يكونوا أكثر وعياً لتفهم الآثار الإيجابية لهذه الحملة والتعاون مع القطاعات الحكومية التي تُعنى بشؤون الحج والحجاج فمن أدى الفريضة ولم يكن هناك ضرورة ملحة للحج أن يترك الفرصة لسواه من إخوانه ممن لم يتيسر له أداء فريضة الإسلام، وينفق ما خصص لأداء هذا النسك في أعمال خيرية أخرى والأمر بحمد الله واسع ومجالات الخير عديدة ومتيسرة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ولا ننسى خُلق الإيثار ذلك الخلق العظيم الذي مدح الله في كتابه عباده الذين يتخلقون به {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
وفي ذلك تحقيق لمبدأ الأخوة الإسلامية الصادقة التي يؤكد عليها ويحبذها ديننا العظيم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وتقتضي الأخوة الصادقة أن يحب الأخ لأخيه ما يحبه لنفسه. وحذار ثم حذار من التحايل على التعليمات والأنظمة قصداً للوصول إلى المشاعر المقدسة تحت أية حجة فكيف يتحايل أو يتصرف وفق أسلوب مرفوض وهو ينوي تأدية عبادة لله ألا يعلم ذاك أن الله مطلع وشاهد ويعلم السر وأخفى لتكن علاقتنا بربنا واضحة لا لبس فيها ولا غموض، فلا نبرر لأنفسنا ارتكاب محرم أو ممنوع تحت حجج واهية نجزم في قرارة أنفسنا أننا ما صدقنا مع ربنا.
- مدير المعهد العلمي في محافظة الرس