لي صديقة -جزاها الله خيراً- تزورني ثلاث زيارات قصيرة في الأسبوع على الأقل.. تأتي لتسكب دموعها وشكواها على أرضية مكتبي وتخرج من عندي لتعاود بعد ذلك بيومين في سكب الدموع والشكوى.
في كل مرة أراها مقبلة أتوقع أن الشكوى مختلفة.. لكن حدسي يخونني في كل مرة.. فالشكوى نفسها ولكن بتفاصيل جديدة، زارتني في المرة الأخيرة بوجه مكفهر وعينين منتفختين.. قلت وأنا أبتسم: خير -إن شاء الله- قالت: زوجي.. رددت وأنا أُقلب أكوام الأوراق المتناثرة أمامي.. وما الجديد؟ قالت: هذه المرة كلها جديد.. أومأت إليها بأن تتحدث.. قالت: اكتشفت أنه على علاقة مع سيدة.. وكيف اكتشفتِ.. قلت وأنا أنظر إليها بإعجاب؟.. ردت: رأيت اتصالات من رقم غريب على هاتفه.. واتصلت وردت سيدة تتحدث بلكنة ناعمة.. وأيضاً قلتها وأنا أنظر إليها.. ردت بعصبية.. تصوري لم يعد يعجبه كلامي ولا شكلي ولا طبخي ولا ولا ولا ولا ولا.. يعمل قضية من لا قضية ويثير المشاكل بلا سبب.. هل صارحتِه؟ ردت لا.. إذاً ستظلين في نفس الفلك تدورين.. الشك وما سواه قالت: هذا هو حالي فعلاً...
كل السيدات السعوديات لا تقل شكواهن اتجاه الرجل عن هذه الشكوى.. وأنا أعتقد أن السبب يعود إلى أننا نجعل من الرجل محور حياتنا.. فهو الرقم الأوحد في دائرة اهتماماتنا.. ننشغل به وله وعليه.. وإذا فشلنا في اقتناص أي فرصة من مشاعره اسودت الدنيا في أعيننا وطوّقنا أعناقنا بسلاسل الفشل.. وأصبحنا لا نرى أهدافاً تستحق العيش.. فالهدف الأساس فقدناه للأسف.. فبماذا ستعود علينا الأهداف الأخرى؟.. ليست المشكلة هي تربيتنا في تسخير طاقاتنا الكامنة لإسعاد الرجل.. ولكن تكمن في ثقافة المجتمع التي تجلدنا إذا فشلت هذه الطاقات إلى إيصاله إلى حالة الرضا.. «ولن أرضى» إنها لوحة علّقها الرجل على باب بيته ومكتبه وسيارته ليشهد العالم أن جيوش الخضوع التي تقدمها المرأة ما زالت لا تستطيع الوصول به إلى ما يريد.
إضاءة:
أحبيه كما لم تحبه امرأة.. وانسيه كما ينسى الرجال
أحلام مستغانمي