الجزيرة - الرياض:
تابعت ما كتب في جريدة الجزيرة عن مساعداتها لباكستان وتعقيباً على ذلك أقول: إن الإسلام تنظيم كامل وشامل، أكرم الله الإنسان وشرفه به؛ لكي يعيش أياماً سعيدة في حياته على هذه الأرض، وسعادته إنما تتم بأن يهتدي إلى هويته أولاً، فيعرف أنه عبد مملوك لإله واحد متصف بكل صفات الكمال هو الله عز وجل، ثم بأن تتحقق من حوله أسباب عيش كريم يمكنه من ممارسة عبوديته لله عز وجل. ولا تتوفر للإنسان أسباب عيش كريم إلا عن طريق التعاون والتكافل، على أساس من الاحترام المتبادل، ودون أن يكون ذلك ذريعة بيد أحد لظلم أو استغلال.
والإسلام خلافاً لشرائع الوضعية كلها هو التنظيم الذي يحقق هذه الحاجة الأساسية والخطيرة للإنسان، في التئام مع فطرته وتصعيد لمزاياه ونفسيته. وهو يحقق هذه الحاجة من خلال نظام متكامل يبدأ بتقويم العقيدة، ثم تقويم النظرة إلى الكون والحياة، ثم تقويم الخلق، ثم وضع الضوابط المنظمة المقومة للسلوك، ثم تغذية ذلك كله والدخول تحت سلطانه باقتناع وطواعية.
وهكذا الشريعة الإسلامية، لا تكل الفرد إلى جهد وطاقته الشخصية وحدها في تدبير أمر نفسه وتوفير أسباب اكتفائه، كما لا تكله إلى ضميره الإنساني وحده في مد يد التعاون العادل والتناصر الإنساني إلى أيدي إخوانه؛ بل إنها ترسي القواعد والنظم التي تمد جهد الفرد ونشاطه الذاتي بعون يضمن له كرامة العيش ومستوى الاكتفاء، وترسي التشريعات الكافية لمراقبة الضمير الفردي أن لا يتمرد وتطغيه نوازع البغي والأنانية، ولضبطه ضمن خط العدل والاستقامة مع الآخرين.. بيد أن الإسلام قد شرع أموراً أخرى (معنوية) للمسلمين ليبرهنوا على أنهم (كالجسد الواحد) كالمواساة، وصلة الأرحام، والتناصر، والتناصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأمة تتعدى في تكافلها وتضامنها وتراحمها الحدود والحواجز وتتعدى القارات والمحيطات، فاهتمام المملكة بشأن المسلمين في باكستان وغيرها من بقاع الأرض دليل على قوة الإيمان والتواصل، فهنيئاً للمملكة بقائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله تعالى- وهنيئاً لأبناء المملكة بما قاموا به من واجب تجاه إخوانهم من المنكوبين في باكستان.. نسأل الله ألا يحرم الجميع الأجر والمثوبة وبالله التوفيق.
بدر بن مسفر الشبلانعضو البعثة السعودية إلى باكستان - كراتشي -الخدمات الطبية للقوات المسلحة