مرت قبل أيام ذكرى رحيل المناضل الفلسطيني ياسر عرفات «أبو عمار»، الذي ورغم كلِّ سنوات الرحيل يظل رمزاً لنضال قوى الخير ضد الشر، واسماً في قوافل المناضلين العالميين الذين عملوا على مواجهة قوى الظلم والاستبداد والاحتلال والاستكبار في كل مكان.
وياسر عرفات يمثل لكلِّ الفلسطينيين قائداً ورمزاً، وشعلةً توقد حتى وهو راحل، فالرجل أطلق القِيَمَ الكِفاحيةَ الوطنية والإنسانية هو ورفاقه، وقد ناضلوا من أجلها وقدموا حياتهم من أجل العمل على تحقيق الحرية والتقدم والسلام لوطنهم فلسطين من خلال العمل على تحريره واستعادة الأرض والوطن.
ياسر عرفات لم يكن قائدَ ثورة فحسب، بل كان رمزاً وملهماً لشعب استطاع أثناء وجوده على رأس القيادة الفلسطينية، ورغم «تشتت» الثورة الفلسطينية و»ولادة» أكثر من فصيل وتنظيم فلسطيني، إلا أن ياسر عرفات كان الزعيم الجامع والذي لا يخرج أحد على كلمته حتى وإن اختلف معه..!!
ياسر عرفات كان صمام أمان الثورة الفلسطينية، أثناء المُلمات والأعاصير التي كانت تجتاح الثورة والتي تكاد تقطع جذورها وتدمر فصائلها، فكان القادة الفلسطينيون يلجؤون إلى «أبو عمار» لحماية الثورة وحمايتهم وفصائلهم من خطر التَّصْفِية.
في بيروت وأثناء حصار الإرهابيين الإسرائيليين للقيادات الفلسطينية عند احتلال الصهاينة للعاصمة اللبنانية إلتجأ جميع القادة الفلسطينيين إلى أبي عمار واحتموا به، ولقد شاهدتُ بأُمِّ عيني كيف كان القادة الذين كانوا يملؤون الدنيا ضجيجاً وتصريحات نارية مثلما يفعل اليوم غيرهم ممن ابتُلِيَتْ الجماهير الفلسطينية بهم، شاهدتُهم كيف كانوا يسعون ويطلبون الحماية من قائد الثورة أبو عمار.
هذا القائد الرمز كم يفتقده الفلسطينيون الآن، فما أن غُيِّبَتْ روح ياسر عرفات حتى تَفشَّتْ الانقسامات السياسية بين الفصائل، وسالت الدماء الفلسطينية بأيدي الفلسطينيين أنفسهم، وأصبح هَمُّ توحيد الكلمة الفلسطينية ومعالجة الانقسام من أكبر هموم الفلسطينيين. فهذا الانقسام الذي ما كان له أن يحصل في عهد زعامة عرفات، أصبح الآن أكبر عائق يَحُولُ دون تحقيق آمال وطموحات الفلسطينيين الذين قاد نضالهم ياسر عرفات، والتي تتمثل في استعادة الوطن وتحرير الأرض وتكوين الدولة الفلسطينية المستقلة التي تكفل لهم العيش أحراراً مستقلين دون الخضوع للاحتلال والاستغلال.