في مثل هذا الوقت من كل عام أواسط نوفمبر وأوائل ديسمبر تنشط الإدارات المالية وتصبح خلية نحل رحلات (مكوكية) سريعة و(قابضة) وحركة باتجاه وكلاء وزارات ومدراء العموم نشطة وزيارات مندوبي الشركات والمؤسسات، واتصالات هاتفية وجوالية وثابتة مكثفة... وذلك بسبب إغلاق الميزانيات (التقفيل) استعدادا للميزانية القادمة...
الوزير المنضبط طوال العام والنائب والمدير العام للشؤون المالية والممثل المالي جميع هؤلاء الذين يقرؤون ويتتبعون الأرقام والمناقصات ويدققون بالأوراق يصابون في هذه الأيام بداء التسامح والهين واللين من أجل إغلاق ميزانية العام المنصرم وتنظيف البنود والأبواب...
لا أتهم أحداً بالتطاول على المال العام وبالسرقة والاختلاس لكن هناك جدل كبير هو التجاوزات المالية والإدارية في الربع الأخير من السنة المالية... حيث المسؤول وخاصةً المسؤول الجديد على الوزارة يبدي في بداية العام المالي الصرامة المفرطة ويتهم بالبيروقراطية وتعطيل المشاريع لأنه يدقق في أقل التفاصيل المالية ونجده في نهاية العام المالي يستسلم لشحنات المعاملة المرسلة والمناقصات المباشرة وآراء مدير الشؤون المالية في توزيع الأموال المتبقية من الميزانية حتى لا تعود لوزارة المالية وتحت مظلة الاستفادة منها خيراً من أن تعود.
نجد هذا المسؤول ينحني تحت عاصفة الإجراءات ويعطي التفويض الكامل لمدير الشؤون المالية بممارسة صلاحياته الممنوحة له مسبقاً..
لا أتهم أحداً لكن هناك تجاوزات للأنظمة الإدارية يقدم عليها مدراء الشؤون المالية للتسريع في الإجراءات. وهي أيضاً سياسة إدارية متوارثة ولها تقاليد عريقة في العمل الإداري وليس ابتداعاً... هي تجاوزات لا سرقات لكنها أيضاً تهاون في المال العالم... لماذا لا تضبط وزارة المالية هذا السلوك وتقعده وتجعل له منهجيةً للحد من الهدر المالي تحت مظلة (تقفيل) الميزانية.