حاز منهج اللغة العربية (لغتي) للصف الأول الابتدائي على النصيب الأبرز في نقاشات المعلمين مع بعضهم بعضا، من بين المناهج الدراسية التي طالها التطوير، لكونه يتعلق بفئة تضع أول أقدامها على سلّم التعليم العام لأول مرة، فليس بالأمر الهين تدريس طلاب اللغة لأول مرة، كما أنه ليس كل معلم قادراً على النجاح في تلك المهمة؛ مما يستدعي القائمين على إدارة المدارس الاهتمام ومضاعفة الجهد في موضوع اختيار معلمي الصف الأول، كما يتطلب ممن كلِّف بتدريس تلاميذ الصف الأول، تنويع ألوان الأنشطة الصفية التي تحفز على تعلم المواد بشكل عام واللغة العربية بشكل خاص لأهميتها كمفتاح لبقية المواد الأخرى، ولا يتم الاكتفاء بما يردهم في كتب المعلم أو أدلة الوحدات في الكتب المدرسية، ولعل ما استرعى انتباهي، هو ذلك الحكم السريع من بعض المعلمين على المنهج الذين هاجموه في محاولة لمصادرته قبل أن يُقرأ أو يُجرب وهذا خطأ كبير يجب ألا يقع فيه أي معلم أو مشرف تربوي كنوع من مقاومة كل جديد، وحب البقاء على القديم لأنه مألوف، فمنهج اللغة العربية الجديد (لغتي) أخذ في خطته أهمية «التهيئة والاستعداد» كمدخل مهم للتلميذ ليعيش مرحلة تكيف بمدة كافية تصل إلى مدة ثلاثة أسابيع أو تزيد، ستمده بخبرة كافية في مسألة الإمساك بالقلم والجلسة الصحيحة وتمييز الألوان والقدرة على رسم الخطوط وتمييز المتشابهات والمختلفات، ثم إنه مدّد الفترة التي يتعلم فيها التلميذ الحروف إلى ثلاث فترات على مدار الفصلين الدراسيين، بدلاً من حصرها على فترتين خلال الفصل الدراسي الأول كما كان في المنهج السابق، كما نجح صانعو المنهج الجديد - حسب رأيي - في إعادة توزيع مجموعات جديدة للحروف تأخذ في حسبانها المباعدة بين الحروف المتشابهة إلى اعتماد الحروف الأقرب ألفة إلى مسمع الطفل والأسهل في إدراكها بصرياً ولفظياً، وتعطي التلميذ فرصة تكوين كلمات وتراكيب أكثر داخل كل مجموعة، كما روعي فيه وضع مكونات تهيئ الدخول إلى الوحدة الدراسية، ومكونات أخرى تسبق كل حرف تكون بمثابة أنشطة مصاحبة لتعلم الحرف، لتجعل كل تلميذ قادراً على امتلاك مهارات قراءة الحرف والكلمة والجملة، ومهارة تجريد الحرف وتركيبه في الكلمة، وامتلاك مهارة الملاحظة والكتابة بشكل صحيح، وبالتالي امتلاك (الانطلاق في القراءة) وهي الهدف الأكبر من تدريس اللغة العربية، كما خصّص لكل وحدة دراسية مجموعة أنشطة شاملة لحروف الوحدة كنشاط تقويمي لكامل الوحدة في (كتاب النشاط)، وترك المنهج مساحة لإبداعات المعلم ليضيف من الأنشطة والوسائل ما يزيد من ثراء التعلم عند التلميذ، كما عني المنهج بمهارتين كانتا مغفلتين عند كثير من المعلمين ألا وهي مهارة (الاستماع والتحدث)، وهي من أهم فنون تعلم اللغة فالتلميذ لا يمكنه تعلم اللغة ما لم يمتلك مهارة (الاستماع) لما يقرأ أو يمتلك مهارة التعبير و(التحدث) عما قرأ ليطرح آراءه، وهذا كفيل بتزويد التلميذ مهارة التفكير والإبداع وحل المشكلات وامتلاك الحس الناقد، وهو ما جاء به المنهج وعليه قام، إذا اهتم بها المعلم، لهذا لا بد أن يأخذ كل معلم في خطته أن يجهز الوسائل المناسبة ولا يعتمد على وسائل الكتاب وصوره فقط، وأن يتيح للتلميذ أن يتعلم عبر مواقف تعلم متنوعة على سبيل المثال: أن يقرأ الحرف والكلمة أو العبارة من (البطاقة، من الكتاب، من السبورة ...) ويستخدم الألوان المتنوعة بما يجعله مطمئناً إلى امتلاك تلاميذه «القراءة المنطلقة» والقدرة على الكتابة، وهذا يعني أن عليه توظيف وسائله وسبورته لخدمة هاتين المهارتين، القراءة والكتابة، والربط المستمر بينهما إلى جانب مهارتي التحدث والاستماع، ولا يرهن المعلم نفسه إلى طرائق لايمكنها إلا أن تحول التلميذ إلى مجرد «مستودع «يملأ» أو جهاز «يسجل» ما يسمع ثم يكرّره في اليوم التالي دون وعي أو فهم «كالببغاء». ومع الأسف أني وقفت على حالات في كتب الطلاب يطلب فيها المعلم من طلابه «حفظ الكلمات»، مما يجعلني ألفت النظر إلى أهمية تدريب المعلمين تدريباً سليماً على «منهجية التدريس»، وبمدد كافية وعدم الاكتفاء ببرامج تدريبية لا يكون هدفها سوى «التعريف بالمنهج الجديد»، فالمعلمون لا يريدون ذلك النوع من التدريب غير المفيد، وتحديد طلاب الفصل بما لا يزيد عن 25 طالبا، وللحديث بقية..