حوار - راشد الزهراني
انطلقت مؤخرًا جائزة التميز العربي، لتكون ضمن قائمة الجوائز الدولية، التي اتخذت من دولة لبنان مقرًا لها. وقد جاءت فكرة الجائزة لتواكب عصر التحديات والتغيرات الثقافية والسياسية والاقتصادية، واستطاع صاحب الفكرة أن يخلق أجواء مناسبة للكشف عن شخصيات بعيدة عن الأضواء، بالرغم من إنجازاتها العظيمة.
صاحب الفكرة هو الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم، الذي لفت انتباه المشاهد منذ إطلالته التلفزيونية الأولى، بلغة جديدة اعتمدها في حواراته مع ضيوفه، واستضاف في حواراته مشاهير من الغرب والشرق مثل الدالاي لاما، الإمبراطورة فرح ديبا بهلوي، الملكة نور الحسين، الأسطورة الغنائية لوتشيانو بافاروتي، الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، الأميرة فريال فاروق وغيرهم. ويقول كرّم أنه يعي حاليًا المخزون المهني الذي يملكه، وهو حصاد كل تجاربه حتى اليوم، ويؤكد أن الإذاعة لها نكهتها الخاصة التي لا يمكن أن تضاهيها نكهة أخرى.
وللتعريف أكثر بجائزة التميز العربي، أجرت «الجزيرة» هذا الحوار مع صاحب الفكرة الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم:
في البداية لو تكشف لنا سر انبثاق هذه المبادرة؟
- ولدت فكرة هذا المشروع من جراء الصورة الخاطئة والسلبية المنطبعة في الأذهان أن العرب إرهابيون، متطرفون أو مهرجون. توّج هذا العمل عام 2010 بحفل ضخم جمع أكثر من 600 شخص من العالم.
كيف بدأت الجائزة وما هي أهدافها؟
- نشأت الفكرة التي أدت إلى إطلاق مبادرة «تكريم» من إرادة قوية واقتناع شديد بضرورة تغيير واقع الأحكام المسبقة التي شوّهت صورة العالم العربي. لا تهدف هذه المبادرة إلى نقل صورة واضحة وأكثر إيجابية عن الهوية العربية الحقيقية فحسب، بل إن تصبح مصدر وحي وإلهام لجيل اليوم وأبناء المستقبل.
ويأتي الحفل السنوي الذي ينظم كل سنة في دولة مختلفة، لتتويج مبادرة تكريم الهادفة إلى إلقاء الضوء على الأعمال والإنجازات العربية الاستثنائية والاحتفال بها.
هل تخضع الجائزة لشروط معينة؟
- إن الأطر صارمة ودقيقة لعملية اختيار المرشحين للجوائز، وتعمل بعيدًا عن الانحياز أو التمييز، وتمنح حقوق متساوية لدخول قائمة المرشّحين بغض النظر عن الجنس، العمر، الانتماء العربي والمعتقدات السياسية أو الدينية.
ومبادرة تكريم تحتفل بكل مبدع في عشر فئات، على أن يكون ناشطًا في قطاع الأعمال أو الميدان الاجتماعي، بارزًا ومتفوّقًا في مضمار عمله، ضليعًا بالمجال الثقافي، الاجتماعي، العلمي، التربوي، الإنساني، المدني أو قطاع الأعمال.
هل تطمحون لأن تصبح الجائزة أشبه بجائزة نوبل؟
- لا أود أن تصبح أحلامنا أوهامًا. الطموحات كبيرة، وجوائز نوبل كانت دومًا السقف الأعلى لكل مبادرة، بعد أن منحت جائزة السلام للرئيس الأمريكي باراك أوباما نتساءل إن لم تفقد البعض من وهجها ورونقها. لكن بجميع الأحوال نتمنى أن ندانيها جدية، مصداقية وشفافية.
هل تعد الجائزة حلمًا عربيًا؟ وهل تتوقعون أن تصبح حقيقة على أرض الواقع لتكريم الشخصيات الإبداعية والمميزة في عالمنا العربي؟
- ما كان في الماضي رؤية تهدف إلى تعزيز التميّز العربي على الصعيد العالمي والاعتراف به، قد أصبح اليوم واقعًا ينشد الاعتراف بهذا التفوّق. وترتكز مبادرة تكريم على مبادئ أخلاقية، وهي بمثابة وسيط مسؤول اجتماعيًا.
وتعرض هذه المبادرة الواقع الحقيقي للشعب العربي أينما وجد في هذا العالم وإنجازاته وتطلعاته وإمكاناته.
هذه هي خلاصة الفكرة التي كانت وراء تأسيس «تكريم»، والسبب الذي جعل من هذا المشروع خطوة محتمة.
ومن أين تستمدون دعم الجائزة؟
- إن العمل المشترك والتعاون يولدان دائمًا شعورًا بالإنجاز. ف«تكريم» تختار شركاءً تتشاطر معهم مثلاً عليا مشتركة، إلا وهي تقديم صورة دقيقة وإيجابية عن العرب إلى العالم.
كلّنا ثقة بأن تعاون شركائنا الإستراتيجيين ودعمهم يضفي مزيدًا من الزخم والانتشار على رؤيتنا ومهمتنا، ويعطينا الأمل بتعزيز إيماننا بواجب تحويل مبادرة «تكريم» إلى واقع بالنسبة للعرب قاطبةً.
هل تخصصت الجائزة في مجالٍ معينٍ أم المجال مفتوح أمام كل المبدعين العرب؟
- ما يميز تكريم عن غيرها من الجوائز، أنها تغطي مجموعة كاملة ومتكاملة من المجالات وموزعة على الفئات العشر التالية:
1 - جائزة تكريم للأعمال الإنسانية والخدمات الخيرية للمجتمع.
2 - جائزة تكريم لامرأة العام العربية.
3 - جائزة تكريم للمساهمة الدولية الاستثنائية في المجتمع العربي.
4 - جائزة تكريم للإنجاز التربوي.
5 - جائزة تكريم للمبادرين الشباب.
6 - جائزة تكريم للتنمية البيئية المستدامة.
7 - جائزة تكريم للإنجاز العلمي والتكنولوجي.
8 - جائزة تكريم للإنجاز الثقافي.
9 - جائزة تكريم للقيادة البارزة للأعمال.
10 - جائزة تكريم لتعزيز السلام.
هل سبق وقمتم بحملة تعريفية للجائزة؟
- أطلقت جوائز تكريم للإنجازات العربية فعليًا في العام 2010 من خلال سلسلة من اللقاءات مع وسائل الإعلام في كلّ من لبنان، المملكة العربية السعودية، قطر، مصر والمغرب.
وستكمل الجولة الإعلامية في معظم الدول العربية وشرقي إفريقيا قريبًا.
وبالتعاون مع شركائنا الإعلاميين أطلقنا حملة إعلانات ستمتد من تشرين الثاني 2010 إلى أيار 2011 على مختلف وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
وهل هنالك مقر رئيس في دولة عربية؟
- تتخذ مبادرة تكريم لبنان مقرًا رئيسًا لها. ولكن كل عام سيقام الاحتفال في مدينة عربية. بدأنا بالمشرق العربي، نلتقي هذا العام في الخليج ونتحضر السنة المقبلة للمغرب العربي.
نود أن تكون المبادرة جسرًا بين مختلف البقع الجغرافية، حيث لا شرخ أو تفرقة.
نود أن تكون كل المجتمعات العربية معنية بما نفعل وأن تتشارك معنا.
وهل تحدثوننا عن المعايير وكيفية اختيار المنجزين؟
- تتولى لجنتان من خبراء يتمتعون بكفاءة عالية مهمة دراسة الملفات، حيث تستعرضها لجنة الاختيار، وتقوم بوضع قائمة أوليّة بالمبدعين لكل فئة وتضم هذه اللجنة المميزة الأعضاء التاليين:
د. عليا البندري حمد من مصرد. لما السليمان من المملكة العربية السعودية.
د. فريدة العلاقي من ليبيا.
د. عبد الرحمن عبد الله العوضي من الكويت.
السيدة نهى الحجيلان من المملكة العربية السعودية.
السيد دمبا با من موريتانيا.
د. سكينة بوراوي من تونس
د. سلوى خوري من لبنان.
د. جميل كبارة من سورية.
بروفيسور طارق كتّانة من لبنان.
د. مروان عورتاني من فلسطين.
بروفيسور صفوان المصري من الأردن.
السيد بدر الدافع من قطر.
السيدة سامية الصالح من الإمارات العربية المتحدة.
د. أحمد غازالي من سلطنة عمان.
وفي مرحلة ثانية، يرسَل التقرير النهائي إلى لجنة التحكيم الدولية، وعليها تقع مسؤولية اختيار الفائزين عن كلّ فئة. وقد ضمت هذه اللجنة الموقّرة في السنة السابقة كل من صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، معالي الدكتور بطرس بطرس-غالي، معالي الدكتور مروان المعشّر والسيد كارلوس غصن.
أما بالنسبة إلى لجنة التحكيم الدولية لعام 2011 فسيتم الإعلان عن أعضائها في شهر كانون الثاني - يناير 2011.
* هل تحقق مثل هذه الجوائز أهدافًا أبعد مما ذكر فيما لو كتب لها الرعاية الكاملة خصوصًا الحكومية أم تخشون من التدخل وبالتالي تريدون إبقاءها ضمن إطار ضيق حتى لا تتأثر بأي تدخلاتٍ حتى لو كلفكم ذلك فترة طويلة لتعريف الناس بها؟
- أردنا منذ البداية أن يكون تكريم منصة جامعة (ليست كجامعة الدول العربية) مستقلة تمامًا من دون أي ارتباط بحكوماتنا العربية المختلفة كي تبقى بعيدة كل البعد عن التدخلات والمحسوبيات والتجاذبات.
أخالفك الرأي إذ أرى أن أطر هذه المبادرة واسعة وسقفها عالٍ ونطمح إلى أن تصل تكريم، حيث تستحق حتى لو استغرق ذلك وقتًا إضافيًا.
لا تمر قوافل النجاح إلا ويطاردها سيل من النقاد منها المحمود والمنبوذ فهل صادفتم مثل ذلك؟
- يا أخي العزيز أشكرك على هذا السؤال، فنعم هناك الكثير من النقاد وقد استفدنا من هذا ولكن ما يحز فينا هو الانتقاد المذموم كما قلت فهناك ممن لم يشملهم الفوز في الجائزة فأخذوا على عاتقهم التشويه كردة فعل، فنحن نرحب بهؤلاء فهم بمثابة منافسين للنجاح ولكن الجائزة لها معاير وأنظمة جدًا حساسة لا يسمح بدون الارتقاء بها، فنحن نسعى إلى إبراز رجال عرب عظماء يستحقون هذه الجائزة نظير ما قدموه للأمة العربية على مستوى العالم، كما كان من ضمن العراقيل هو ربط الجائزة بشخصي وباسمي وما أنا فقط إلا صاحب فكرة ونحن كفريق منظم هدفنا واضح وغيرتنا واحدة.
هناك جوائز عربية روجت على مستوى العالم ما هي أبرز هذه الجوائز في نظركم؟
- نعم هناك جوائز لها رواجها ومكانتها، وأهمها جائزة الملك فيصل وجائزة سلطان بن عويس، وهاتان الجائزتان تحظيان باهتمام بالغ.
من ضمن فئات الجوائز كان هناك جائزة تكريم للإنجاز الثقافي فهل تعني الثقافة بشكل عام بمختلف فئاتها كالشعر والرواية والصحافة والفنون التشكيلية وما يدرج تحتها؟
- جائزة الثقافة لا تشمل بعض ما ذكرتم، فالجائزة فقط للفن التشكيلي وذلك حسب ما تحمله ريشة الفنان المبدع الذي أوصل فنه إلى العالم الخارجي ليقول لهم: انظروا كيف هي إبداعاتنا فهناك لجان مخصصة في اختيار هذه الجائزة.
وهل للصحافة والإعلام نصيب من هذه الجائزة، ولاسيما نحن نشاهد إعلاميين يتسابقون لتغطية أحداث الحروب وهم من مقربة من خط النار وقد أبهروا العالم بشجاعتهم ونقلوا الصورة الحقيقة للإعلامي العربي أو لأنك أحد رجال الإعلام وتخشى ضعف الموقف أمام مجاملة الزملاء؟
- نحن نكرم الإعلاميين والإعلاميات ولكن بصورة خاصة وقصة الإعلامية التي ناضلت ضد إسرائيل قرابة الـ30 سنة أو أكثر فقد سلّط الضوء عليها فقط كونها امرأة وبهذه الشجاعة لا لكونها إعلامية فهناك معايير خاصة وحساسة لهذه الجائزة لا نستطيع الإغفال عنها وبأي صورة كانت.