|
المشاعر المقدسة - محمد العيدروس
نفى مساعد مدير عام الدفاع المدني لشؤون العمليات قائد قوات الدفاع المدني بالحج اللواء سليمان بن عبدالله العمرو وجود تأثيرات سلبية لخطة تدابير مواجهة الطوارئ خلال موسم الحج على قدرات مديريات الدفاع المدني في جميع مناطق المملكة لأداء مهامها في حماية الأرواح والممتلكات, موكداً أن حجم القوات المشاركة في الحج لا يزيد على 25% من حجم قوات الدفاع المدني في جميع المناطق.
وأشار اللواء العمرو، في حديث شامل حول خطة الدفاع المدني في الحج، إلى استيعاب الخطة كافة المتغيرات والمستجدات المناخية والجغرافية في العاصمة المقدسة والمشاعر المقدسة, بما في ذلك مشروع قطار المشاعر الذي تم تشغيل مرحلته الأولى في حج هذا العام, حيث تمت تغطيته بخدمات الدفاع المدني عبر مجموعة من الوحدات المتخصصة المدربة على التعامل مع حوادث القطارات, مؤكداً أن المشروعات الضخمة التي نفذتها الدولة في المشاعر استلزمت إجراء تعديلات في خطة انتشار وحدات الدفاع المدني بالمشاعر في عدد من المواقع.
وأشار قائد قوات الدفاع المدني بالحج إلى تكامل محاور خطة تدابير الدفاع المدني بين الإجراءات الوقائية الاحترازية، من خلال رصد شامل ودقيق للأخطار الافتراضية المحتملة, والاستعدادات الكاملة لمواجهة هذه المخاطر في حال حدوثها، باستخدام أحدث التقنيات والتجهيزات, وفيما يلي تفاصيل الحوار:
بداية ما أبرز محاور خطة تدابير الدفاع المدني لمواجهة الطوارئ في حج هذا العام؟
- تتضمن خطة تدابير الدفاع المدني عدداً من الإجراءات للحفاظ على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وتأخذ الخطة في الاعتبار كل المستجدات والمتغيرات المناخية والجغرافية في منطقة المشاعر, وفي مقدمتها مشروع قطار المشاعر, والمخاوف الناجمة عن انتشار الأمراض الوبائية, والمخاطر المرتبطة بتزامن مناسك الحج مع موسم الأمطار. وتتميز الخطة التدبيرية العامة للدفاع المدني، التي تم اعتمادها من قبل النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير نايف بن عبدالعزيز، بالشمول واستيعابها كل المخاطر الافتراضية الطبيعية أو الناجمة عن اجتماع الحجاج في أماكن محددة في توقيتات واحدة، من خلال عدد من الخطط التفصيلية الملحقة بها، التي تشمل الحوادث الناجمة عن التدافع والزحام وغيرها.
لكن ما الأخطار المحتملة في حج هذا العام؟ وما آليات رصدها؟
- قائمة الأخطار الافتراضية في الحج تتغير من عام لآخر، وهو الأمر الذي يتطلب تحديثها من خلال أعمال الرصد وتحليل البيانات والمسح الوقائي، التي تتواصل على مدار العام، وتتضمن خطة الدفاع المدني في الحج هذا العام 12 خطراً افتراضياً، تشمل كل الحوادث التي قد تقع بمساكن الحجاج بالعاصمة المقدسة، وكذلك في المشاعر، مثل: السيول, حوادث الحريق، حوادث الأنفاق والانهيارات الصخرية، الأمراض الوبائية، المواد الخطرة، الحوادث المرورية، المخاطر المرتبطة بالافتراش والتدافع أثناء أداء مناسك الحج، التلوث البيئي، حالات التسمم الغذائي.
* وما المعايير التي تم بناء عليها تحديد هذه المخاطر؟
- الخبرات التراكمية لقوات الدفاع المدني خلال مواسم الحج الماضية تفيد كثيراً في التعرف على المخاطر المحتملة، إضافة إلى ما تسفر عنه عمليات الرصد والاستشعار ونتائج تحليل المخاطر من قبل الأجهزة المتخصصة، إلى جانب ملاحظات قادة الوحدات الميدانية العاملة في الحج، وكذلك متابعة التغيرات المناخية بالتعاون مع مصلحة الأرصاد، وعلى ضوء ذلك يتم إعداد خريطة دقيقة للمشاعر المقدسة، وقائمة واضحة بكل المخاطر المحتملة بها، وبناء على ذلك يتم وضع خطة الدفاع المدني في الحج، وتحديد حجم ونوعية القوات والتجهيزات والمعدات.
على ضوء ما ذكرتم من مخاطر محتملة, ما حجم قوات الدفاع المدني المشاركة في أعمال الحج هذا العام؟
- يزيد عدد قوات الدفاع المدني بالحج هذا العام على 13 ألفاً من الضباط والأفراد والموظفين المدنيين، في حين يصل عدد المعدات والآليات إلى أكثر من 4000 آلية، تشمل سيارات الإطفاء والإسعاف والرافعات وآليات التدخل السريع ومعدات الإنقاذ المائي والدراجات النارية.
وهنا لابد من أن نشيد بجهود معالي مدير عام الدفاع المدني لتوفير كافة احتياجات قوات الدفاع المدني المشاركة في أعمال الحج من تجهيزات السلامة الشخصية للضباط والأفراد، والمعدات المتطورة للتعامل مع كافة المخاطر.
لكن هذا العدد الكبير من رجال الدفاع المدني بالحج ألا يؤثر سلباً على قدرات الدفاع المدني في مناطق المملكة؟
- لا صحة لذلك أبداً، فقوات الدفاع المدني المشاركة في الحج لا تزيد على 25% من حجم القوات في مختلف المناطق, وليس أدل على ذلك من تجربة العام الماضي، حيث كانت قوات الدفاع المدني المشاركة في الحج تؤدي مهامها في خدمة ضيوف الرحمن, في حين قوات أخرى تتعامل مع السيول في جدة, وقوات أخرى تعمل في القرى الحدودية الجنوبية إبان العمليات العسكرية في التصدي للمتسللين, وهو أمر طبيعي، ويتم عبر حسابات دقيقة لحجم القوات ونوعية مهامها.
ترتبط مهام الدفاع المدني باختصاصات وزارات وجهات أخرى مثل الصحة والحج والأمن العام والأرصاد الجوية والمالية، فما آليات التعاون مع هذه الجهات؟
- تحت مظلة لجنة الحج العليا برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يتم التنسيق بين كل هذه الجهات المشاركة في أعمال الحج، للوقوف على مهام ومسؤوليات كل جهة من خلال اجتماعات بين قادة جميع الجهات، واعتماد آليات دقيقة للتعاون والتنسيق فيما بينها، وتتولى عمليات الدفاع المدني، من خلال مركزها في منى، مهمة التنسيق الميداني العاجل للتعامل مع أي حالات طارئة, مثل إعداد وتجهيز مخيمات الإيواء وسبل الإعاشة بها, ونقل المصابين إلى المستشفيات والمراكز الطبية وغيرها.
وما مواقع مساكن الحجاج في خطة الدفاع المدني بالحج؟
- يتابع الدفاع المدني كل إجراءات الوقاية من الحوادث التي قد تقع بمساكن الحجاج، والتي يعد توافرها شرطاً للتصريح لمنشآت إسكان الحجاج والفنادق باستقبال ضيوف الرحمن، ويشارك الدفاع المدني، ضمن لجنة الإسكان، في التأكد من متطلبات السلامة في هذه المنشآت، لاسيما أنظمة الحريق ومخارج الطوارئ.
وتتضمن هذه الإجراءات تدريب مشرفي السلامة في مؤسسات الطوافة وإدارات الفنادق على التعامل مع الحوادث البسيطة، وسرعة الإبلاغ عن أي خلل يهدد سلامة الأرواح والممتلكات، وهناك فرق من الدفاع المدني لمتابعة أنظمة السلامة في مساكن الحجاج والتأكد من فعاليتها وصلاحيتها، وقد تم تحديثها وربط عدد كبير من هذه المنشآت بعمليات الدفاع المدني، للتعرف آلياً على وقوع حوادث بها من خلال أنظمة متقدمة.
وماذا عن جاهزية قوات الدفاع المدني في الحج للتعامل مع الطوارئ التي لا تتضمنها قائمة المخاطر الافتراضية؟
- هناك وسائل يمكن من خلالها توقع وقوع بعض الحوادث في بعض المواقع ورصد العلامات الأولى لها، وعلى سبيل المثال: يمكن معرفة فرص سقوط الأمطار والمواقع المحتمل حدوث تساقط للصخور بها، وفي جميع الأحوال فإن الاستعداد الجيد والقدرة على التدخل السريع هما العامل الحاسم في التعامل مع الحوادث الطارئة على اختلاف أسبابها ومواقعها.
وخطة انتشار قوات الدفاع المدني بالحج تحقق تواجداً مستمراً في المشاعر المقدسة والطرق المؤدية إليها والمواقع الأكثر عرضة للخطر، عبر أكثر من 460 مركزاً، تتبعها مئات الوحدات الثابتة والمتحركة والمجهزة تجهيزاً كاملاً للإطفاء والإنقاذ والإسعاف والإخلاء، والتي تتم إدارتها وتوجيهها باستخدام أنظمة حديثة للاتصال مدعومة بالمصورات الجوية لتحديد موقع الحادث بدقة وتوجيه أقرب الوحدات الميدانية إليه، بل وإرشادها إلى أفضل الطرق التي تسلكها للتعامل معه.
المستجدات التي تطرأ على خطة الدفاع المدني بالحج من عام لآخر هل تتطلب إجراء برامج تدريبية خاصة؟
- برامج تدريب قوات الدفاع تتواصل على مدار العام من خلال خطة إدارة التدريب، إلا أن ذلك لا يمنع من تنفيذ برامج تدريبية خاصة للقوات التي تشارك في أعمال الحج، بما يتناسب مع نوعية الأخطار المحتملة والمتغيرات، فمشروع قطار المشاعر استلزم تدريبات خاصة للوحدات, بهدف تنمية قدراتها على التعامل مع المخاطر المرتبطة به, والتأكد من مدى استيعابها لمهامها، وتتضمن الخطة تدريبات ميدانية تعتمد «المحاكاة» لكل المخاطر المتوقعة، إضافة إلى تدريبات تخصصية للفرق حسب المهام المناطة بها.
وماذا عن استعدادات الدفاع المدني لعمليات الإخلاء والإيواء في الحج؟
- عمليات الإخلاء تهدف إلى تأمين سلامة الحجاج الذين قد تتضرر مواقع إقامتهم لسبب أو لآخر، كالسيول أو الحرائق، حيث يتم نقل هؤلاء الحجاج إلى أماكن بديلة آمنة في أسرع وقت ممكن، وتشمل خطة الدفاع المدني بالحج أربعة أماكن ثابتة لإيواء الحجاج بالمشاعر المقدسة، في عرفة ومنى والمعيصم، وتصل الطاقة الاستيعابية لهذه المعسكرات الإيوائية إلى نحو 60 ألف حاج، إضافة إلى تحديد عدة مواقع أخرى لاستخدامها متى دعت الحاجة لذلك، بالتنسيق مع وزارتي الصحة والمالية، لتجهيز وتأمين كافة الخدمات في هذه المواقع، وتنفيذ عملية الإخلاء، وهناك فرق الإنقاذ المائي للإخلاء في حالات السيول، ويشارك طيران الدفاع المدني في الحالات التي يتعذر وصول السيارات والمعدات الأرضية إليها.
بعد قرار سمو النائب الثاني باستمرار حظر استخدام الغاز في المشاعر المقدسة، ما جهود الدفاع المدني لمتابعة هذا القرار؟
- موافقة سمو النائب الثاني - يحفظه الله - على استمرار منع دخول الغاز المسال تدعم الإجراءات الوقائية ضد مخاطر الحريق، وقد أثبت هذا القرار فاعلية كبيرة خلال السنوات الماضية، ونلمس قدراً كبيراً من الالتزام بهذا القرار، ولاسيما في ظل توافر عدد كاف من المطابخ المجهزة الآمنة في المخيمات بالمشاعر المقدسة، وهناك دوريات تابعة لمراكز الدفاع المدني تراقب الالتزام بذلك وتتصدى لأي مخالفات في هذا الشأن, وتطبيق عقوبات فورية تشمل مصادرة أسطوانات الغاز والمواقد وتحصيل الغرامات المالية.
هل لا تزال منطقة الجمرات من المناطق ذات الخطورة العالية.. أم أن الوضع تغير عما كان عليه؟
- بكل صدق نقول إن مشروع منشأة الجمرات الذي يعمل بطوابقه الخمسة هذا العام أدى إلى انخفاض درجة المخاطر في أداء هذا النسك للحد الأدنى، حيث تستوعب المنشأة أكثر من 400 ألف حاج في الساعة، وهو ما يساهم في تسهيل خطة الدفاع المدني لتأمين سلامة منافذ الدخول والخروج للمنطقة، ومنع التكتل، ونقل الحجاج الذين قد يتعرضون للإجهاد أو الإغماء إلى مراكز الإخلاء الطبي الموجودة بالمنطقة، بواسطة سيارات صغيرة الحجم قادرة على التحرك بسرعة دون أن تعوق حركة الحجيج, وتحت إشراف كوادر مدربة لتقديم الإسعافات الأولية في مواقع وجودها بالمنشأة.