في كتابه طريق حاج اليمامة عبر وادي نعام والحريق.. وفي المبحث العاشر الخاص بالمبشرين بقدوم الحاج يروي صديقنا الأستاذ عبد الله بن سعد الدريس عن عمته لولوة بنت راشد الدريس أن من ضمن المبشرين بقدوم الحاج شخصاً اسمه عبد العزيز بن سليمان بن شليل ويعرف بلقب غباش، وفي إحدى المرات التي أراد أن يبشر الأهالي بقدوم الحاج لبلدة الحريق (محافظة الحريق حالياً) بدأ غباش يتوارى عن نظر إحدى النساء اللاتي يرغبن في معرفة خبر قدوم الحجاج، وسبب تواري غباش عن هذه السيدة أن والدتها ليست من ضمن ركب الحاج العائد لأنها انتقلت إلى رحمة الله في رحلة الحج الطويلة والشاقة، فلما توارى غباش عنها، قالت هذه الأبيات:
مرني غباش ما رد السلام
وش محده يوم ما سلم علي
يا غباش يا حرز الركاب
أبنشدك عن تالي هلي
يا غباش لو حلالها كثر التراب
ما هناني لي تقبل علي
لا أريد الإطالة في التعليق على هذه القصة المؤثرة، لكن القارىء الكريم لديه العشرات من القصص المشابهة لهذه القصة والتي حين تُروى لجيلنا المعاصر وكأننا نروي قصصاً خيالية.. فقبل عقود قليلة كانت رحلة الحج من وسط الجزيرة العربية تستغرق أسابيع إن لم يكن أشهراً، والآن لا تتجاوز سوى ساعات، وقديماً كان الحجاج أنفسهم هم من يبلغون أهليهم بذهابهم، وهم أنفسهم من يبشرون أهليهم بعودتهم، والآن يستطيع كل منا متابعة رحلة الحج لقريب أو صديق لحظة بلحظة في ظل هذه الأجهزة التي خدمتنا كثيراً.
أمر آخر يستحق الإشادة والتقدير هو قناة القرآن الكريم التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين والتي تُبث من الحرم المكي الشريف على مدار الساعة.. فيستطيع أي إنسان في مشارق الأرض ومغاربها متابعة ومشاهدة الحرم المكي الشريف ومن عدة كاميرات فيطمئن على أهله وعلى جميع الحجيج.
يا ترى هل نحتاج في زماننا إلى غباش.. أم أن الجوال والإنترنت وأجهزة رصد المواقع هي غباشنا؟..
رحم الله غباش، وتقبَّل الله من الحجاج طوافهم وسعيهم ونسكهم.
*للتواصل فاكس – 1333738