الدمام - محمد العبيد
حفل العدد الجديد من مجلة «القافلة» الثقافية الذي أصدرته مؤخراً، أرامكو السعودية لشهري سبتمبر وأكتوبر 2010م، بباقة متنوعة من الموضوعات الشيقة والمهمة المطروحة ضمن رؤية المجلة في توسيع آفاق القارئ الثقافية.
وتفتح هذه الموضوعات التي تحفل بها القافلة منافذ ثقافية وفكرية أرحب، تتيح للقارئ التأمل والبحث المعرفي الذي يقوده إلى توجيه طاقاته الذهنية نحو المزيد من المتميز من المعرفة والعميق والمختلف.
افتتح رئيس تحرير المجلة، الأستاذ محمد الدميني، العدد بمقال في زاوية «الرحلة معاً» تكشف عن منهجية القافلة في الإعلام الثقافي تحت عنوان: « تشريح الظواهر المعاصرة»، كتب فيه: «حين أراجع، على نحو عشوائي، ثلة من أعداد القافلة الصادرة بدءاً من عام 2003م، أكتشف جانباً قليلاً ما اكترثت له الصحافة العربية، وهو قراءة و سبر آخرالمستجدات التقنية والثقافية التي ترتبط بحياة كل الناس، ليس كأخبار عابرة، بل كمسائل حياتية ونفسية وسلوكية وصحية تمس حركتهم اليومية، وعلاقاتهم ببعضهم وبالآخرين، وتنتج جملة من العلاقات الإنسانية الجديدة والأفكار والمفاهيم».
وبداية؛ تنطلق القافلة من محطتها الأولى «قضايا»، لتحلل من وجهة نظر «سيسيوثقافية» ومعرفية شاملة ظاهرة الإعلانات في الشوارع، وإن كانت ليست حديثة وتعود إلى 4000 سنة قبل الميلاد، إذ كان الفراعنة والإغريق والرومان يستخدمون ورق البردي للإعلان عن بضائعهم، كما وجدت رسوم جدارية تمثل إعلانات تجارية في أجزاء من آسيا و إفريقيا وأمريكا.
وهكذا تفتح (القافلة) ملف هذه القضية التي باتت تشغل بلديات المدن والوزارات المعنية على مستوى العالم بأسره، فتسعى إلى وضع الأطر التنظيمية لهذه الصناعة التي أصبحت جزءاً أساسياً من نسيج المدينة الحديثة.
وفي محطة الطاقة والاقتصاد موضوعان: الأول حول الكيمياء الحيوية في الصناعة النفطية، أي الدور المتنامي الذي صارت تؤديه كائنات مجهرية حية (بكتيريا) في صناعة النفط، بدءاً بالآبار ووصولاً إلى مصافي التكرير، وهو موضوع قد يبدو مفاجئاً للكثيرين.
أما الموضوع الثاني، فيتناول (الإدارة عن بُعد) وهو مفهوم جديد في علم الإدارة، يدعو إلى تخفيف قبضة الإدارة والمدير على الموظف، وإلى إعطاء حرية أكبر له في مجال التحرك واتخاذ المبادرات .
غير أن محطة «علوم» تطرح سؤالا عن المسائل الرياضية غير القابلة للحل، فكيف يمكن أن توجد مسائل من هذا النوع في عصر الكمبيوتر القادر على إجراء ملايين العمليات الحسابية المعقدة في لحظات؟
على صعيد آخر يسرد العدد قصة ابتكار الأطعمة المجمدة، ويعرج على التعريف بالأبنية الصديقة للعقل. وبالوصول إلى محطة «الحياة اليومية» يطالع القارئ موضوعاً شيقاً بعنوان: «كيف تشتري حجراً كريما؟» إذ يتميز شراء هذه السلعة بعدد من المحاذير يلفت إليها التقرير ويوجه بكيفية تلافيها سواء أكان ذلك في الأسواق التقليدية أم من خلال التجارة الإلكترونية.
ثم يصل القارئ إلى موضوعين في الثقافة والأدب، الأول حول فن الخط العربي وأوجه نهضته الحالية، كما تجلَّى ذلك في المعرض الذي أقامته أرامكو السعودية، مؤخراً، في مهرجانها لصيف31. ويتضمن الموضوع عرضاً لما حواه المعرض، وعرضاً لوجهات نظر عدد من كبار الخطاطين الذين شاركوا فيه.
وفي موضوعات أخرى؛ يقرأ الناقد عبدالله الفيفي شعر محمود درويش بتحليلية ضافية. فيما يتجول القارئ مع أهم الكتب التي عرضت في معرض لندن للكتاب.
أما في محطة «الرواية» من هذا العدد؛ فهناك وقفة أمام العمل الأخير للروائي الأردني جمال ناجي، وروايته (عندما تشيخ الذئاب) الصادرة في طبعتها الثانية قبل أشهر قليلة، وحظيت بتقدير من قِبل نقاد كثيرين. ويستضيف العدد المصوِّرة السعودية، ريَّا بنجر، في عيِّنة من أعمالها، تتميز بطغيان الأسود والأبيض على الملوَّن الذي وإن حضر، فغالباً ما يكون قريباً من الأسود والأبيض، وبحضور قوي للحياة في المدينة بكل ما فيها من خطوط ومساحات هندسية مرتبة بدقة.
ويأتي الختام مع ملفات القافلة ولغز «الرواية البوليسية»، لا سيما وأنه لون متميز من ألوان الأدب، بمقوماته ومذاهبه المختلفة وكبار كتابه، وأيضاً ما تم اشتقاقه منه في الفنون المعاصرة، الملف يتناول العديد من المحاور التي تطرقت لهذا الفن.