بعضنا لا يتراجع عن عاداته، حتى ولو تأكد مئة بالمئة من أنها خاطئة، من منطلق «يا جبل ما يهزّك ريح». وحينما تسأله: لماذا تتصدّق على متسوّلات معظمهن يمتهنَّ الخداع، وهناك متعفّفات ينتظرن كسرة خبز جافّة، ليَسدّنّ بها رمقهنّ؟ يجيبك: «يا زينك ساكت يا ابن الحلال»!
أظن، والله أعلم، أنّ نسبة لا يُستهان بها من صدقات البيوت من الأكل والملابس البالية والأثاث المستخدم، تذهب لغير مستحقيها.
ولو نحن جرّبنا أن نبحث بأنفسنا عن أولئك الذين يترفّعون عن مدّ أياديهم أو عن طَرق أبواب البيوت، لشعرنا بعد أن نجدهم، وبعد أن نعطيهم ما تجود به أنفسنا، بفرحٍ طاغٍ لا يعادله فرح.
فكوننا نرى بأعيننا واقع حال المحتاج، وكوننا نلامس كفّيه ونحن نعطيه ما يحتاجه، فإنّ الرضا سيغمرنا، ودفء التواصل والتكافل سيطغى على أرواحنا.
وهناك وسائل أخرى لدعم ذوي الحاجة بشكل يرضي دواخلنا.
فكم من امرأة محتاجة لمبلغ بسيط، تبدأ به مشروعاً يدوياً محدوداً، تعيش من خلاله بشرف وعزّة نفس.
وأنت إذا أمَّنتَ هذا المبلغ لوحدك أو بالاشتراك مع أحد الأصدقاء أو الأقرباء، فإنّ الأجر بإذن الله سيستمر لك، ما استمرّت المرأة في العمل وفي الإنتاج.
ومثل هذا التلاحم بين من أعطاه الله ومن حرمه الله، لا يحققه إلاّ هؤلاء الذين يقفون وقفات صدقٍ مع عاداتهم في التعامل مع المحتاجين، ليتحوّلوا من جبال جامدة إلى سهول رطبة، أو أولئك الذين سيتوقّفون عن التنظير على المرأة واحتياجات المرأة والعمل الشريف للمرأة.