إن كثيراً من الفوضى التي نعيشها كأفراد وكأسر في مجتمعنا السعودي سببها عدم تنظيمنا لأوقاتنا.
إن التنظيم هو أساس النجاح في كلِّ الأمور الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والرياضية والنفسية.
لقد وهبنا الله سبحانه شعائر دينه الإسلامي القويم التي تنظم لنا أوقاتنا اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية، فالصلوات الخمس المفروضة تنظم لنا برنامجنا اليومي لمن حافظ عليها، والجمعة تنظم لنا برنامجنا الأسبوعي، فهي عيد الأسبوع وأفضل أيامه، وصيام الأيام البيض ينظم لنا برنامجنا الشهري لمن حرص على هذا الفضل.
والحج وعيد الأضحى والأشهر الحرم وصوم رمضان وعيد الفطر تنظم لنا برنامجنا السنوي.
ولكننا في الحقيقة لا نلتزم بتنظيم الوقت، فنجد نومنا عشوائياً والتزامنا بأعمالنا عشوائياً، ومناسباتنا عشوائية وفوضوية وفيها إسراف وتبذير، وبرنامج زياراتنا عشوائي، وبرنامج رحلاتنا وإجازاتنا عشوائي، وتنظيم وقتنا بالمنزل مع الأسرة عشوائي، فكلُّ هذه الفوضى والعشوائية سبب مباشر لعجزنا في عدم مواكبة نهضة وتطور بلادنا لضعف الإنتاجية والالتزام لدينا كأفراد وكأسر وكجماعات.
إن تنظيم الوقت أمانة ومسؤولية، يجب أن يستشعرها الأب في بيته للحفاظ على استقرار أسرته، وليكون قدوة لأولاده حتى يقتدوا به ليكونوا مواطنين صالحين لدينهم ولوطنهم. والمسؤول في وزارته أو إدارته والمعلم في مدرسته والأكاديمي في جامعته والطبيب في عيادته ورجل الأمن وعينه الساهرة في ميدانه والقاضي في محكمته، وكلُّ مسؤول يشرف ويباشر مصالح المجتمع العامة يجب إن يلتزم في تنظيم وقته ليكون نافعاً قادراً على خدمة الوطن.
إنَّ الشعوب التي سبقتنا بمراحل من المدنية والثقافة والتطور في الميادين كافة كان من أسبابها الالتزام بتنظيم الوقت على مستوى الأفراد والجماعات.
إن انفلات الشباب وتهورهم وانحرافهم في مجتمعنا نجد أن من أسبابه عدم تنظيم أولياء أمورهم لأوقاتهم، وإهمالهم ليكونوا أدوات هدم لمجتمعهم ووطنهم.
الواجب أن تتبنى عدة جهات حكومية مشروعاً تثقيفياً توعوياً لأهمية تنظيم الوقت للفرد وللأسرة وللمجتمع، من خلال المدارس والجامعات ووسائل الإعلام بأنواعها وخطباء المساجد، والتثقيف الصحي وتكثيف البرامج والندوات والتركيز على الأسرة ورب الأسرة من خلال مطويات وكتيبات، وإدخال هذه الثقافة الهامة في المناهج الدراسية حتى تتأصل ثقافة تنظيم الوقت بين جميع شرائح المجتمع. وسيجني الوطن -بإذن الله- ثمار هذا المشروع اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً.
* رئيس لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية في مركز كبد بالقصيم