في مكة المكرمة وُضِع أول بيتٍ للناس، يفدُ إليه الناس من كل فجٍ عميق، هناك حيث البيت المحرم، لا يُعضد شوكٌ ولا ينُفر صيد، ولا يختلى خلا، ولا تُلتقط لقطةٌ إلا لمنشد وبيت الله المحرم طهر للطائفين، والعاكفين، والركع السجود ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ يذاق من عذاب أليم وها هو الحج قاب قوسين أو أدنى إذ لا رفث، ولا فسوق ولا جدال.
ملايين البشر يأتون للبيت العتيق، ولأم القرى ألسنة مختلفة، وألوان مختلفة، ومشاربُ مختلفة كلهم يلبون لرب الأرباب، سبحانه وتعالى، لا هُبل، ولا عُزى، ولا مَناة الثالثة الأخرى، ولا يغوثَ ولا يعوقَ ولا نسرى، منذ فتح المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مكة المكرمة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وفرح المؤمنون بنصر الله، وجاء الحق وزهق الباطل، وآوى الله المؤمنين وأيدهم بنصره بعدما كانوا يخافون من تخطف الناس، ودخلوا المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون.
وها هي المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً تشرف باستقبال ضيوف الرحمن، وتقدم كل غالٍ ونفيس، لا تريد جزاءً ولا شكورا، إنما لوجه الله الواحد الأحد.
ها هو الحج ملء السمع والبصر، وبلادنا تعيش فرحة المناسبة إنجازات أشبه بالمعجزات بتيسير السميع العليم، وبلادنا ولله الحمد تنعم بقائد أعطى كل ما يقدر عليه لهذه المناسبة وحفز الأمة على مضاعفة الأداء، ومواصلة العطاء خدمة لضيوف الرحمن، وهو - حفظه الله- ما زال يخفق بجناحين قويين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية، ولا غرو أن تجند المملكة كل إمكانياتها المادية والبشرية لخدمة الحجاج فهي تشرف باستقبال ضيوف الرحمن.
وأفواج الحجاج كلمتهم واحدة (لبيك اللهم لبيك) وهناك في الحج لا دعاوى سياسية، ولا نداءات طائفية ولا تعصبات مذهبية، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وكفى.
* عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية للغذاء والبيئة ببريدة