أنا شاب في مقتبل العمر في السادسة عشرة من عمري وأحب قريبة لي أكبر مني بأربعة أيام وأحببتها لأنها بنفس أخلاقي وأفعالي وأيضا لجمالها وأيضا لحسن تعامل أبيها معي ومع الناس ككل وحسن التربية والكرم لا لعلاقة بيني وبينها بل أني لم أرَ وجهها منذ سنتين أو ثلاث سنوات علما بأني في منطقة تبعد ما يقارب أربع مئة كيلو متر عن مدينتها وأريدك يا دكتور خالد أن تعطيني طريقة تكون بها الفتاة لي وحدي علما بأن الفتاة تأتي مع أهلها في بعض الإجازات إلى المدينة التي أسكن فيها بل وتسكن بجوارنا وأنا لا أرد للفتيات طلبا في هذا العيد من أجلها بل إنها طلبت مني ذات يوم أن أحضر لها كوبين ماء فقلت لمن فقالت لي ولفلانة فقلت لكي موافق ولفلانة لا فضحكن علي الفتيات ما عداها، بل قالت موافقة وكانت بيننا نحن (الأولاد) وهم (الفتيات) رسائل بالورق وكانت هي التي تكتب رسائلهم وكنت دائما ما اثني عليها وعلى خطها الرائع حتى أن من تكتب بالقلم والدفتر فتاة غير التي أحب ولكني أنا أثنيت عليها من غير علم وأنا أريد منك أن تجعلها بإذن الله زوجة لي بحيث إن من المعلوم أن الفتاة تتزوج وعمرها أقل من عمر الرجل وأنا أريد أن أفعل شيء بحيث لا يخطبها أحد أكبر مني قبل أن يحل وقت العمر الذي أتزوج فيه.
أرجوك دكتور خالد أريد حلا بأسرع وقت ممكن وسأظل اقرأ صحيفة الجزيرة يوم الاثنين وبخاصة الصفحة الخاصة بك حتى أرى الحل الخاص بمشكلتي.
وجزاك الله خيرا لأنك أعطيتني جزءا من وقتك لقراءة هذه الرسالة
ولك سائلي الفاضل الرد:
يردني كثيرا صنفا من الاستشارات يكتبها أصحابها وهم في حال متأزمة وتحت وطأة ظرف صعب من ظروف الضعف البشري وقد تقطعت أرواحهم حسرات وتساقطت أنفسهم أسفا وهما وهم يأملون في أعماقهم ألا يسمعوا سوى جواب بعينه لا يرضيهم سواه ولا يقنعهم غيره ويرون فيه الخلاص, وأنت لم تخف تلك الأمنية ولم تضمر هذه الآمال فأراك قد صرحت به وأعلنت عن حل واحد لا ترضى بغيره!! وقد سألتني كيف تكون لي وحدي؟
ومع كل الإحساس بمشاعرك الدفينة وكبدك المقروحة وأعلمُ أن حالي وأنا أكتب على غير حالك وأنت تتأوه أيها العاشق الولهان.
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
لكن من الصعوبة أيها العزيز مجاراتك في أمنياتك فحمل الأمانة وثقل المسؤولية تجعلني أجيب بما يمليه علي ضميري ولو أزعجك الرد وسخطت على محبك لذا اسمع مني يا رعاك الله, بحسب ما اعلم فإن ما أسفرت عنه الدلائل، وأومأت إليه المقدمات، ونطقت به شواهد الحال أن أمثالك لو تزوج فاحتمال نجاح التجربة ضعيف فالنضج الانفعالي سبب رئيسي لنجاح الزيجات فالاندفاع العاطفي والتهور المشاعري لن يضمن استقرارا ولن يكفل زواجا ناجحا وهذا ما ألمسه في حالتك، فيبدو أنها التجربة الأولى في حياتك التي ينبض قلبك فيها وتهفو روحك معها وبعدها أصبحت ذاهب القلب مستطار الفؤاد وأصبحت تلك الفتاة قرة عينك ومنية نفسك! فبمجرد كلمة منها تزلزلت أركانك وبمجرد نظرة منها عابرة اهتزت روحك, وأقول أيها العاشق حنانيك فالحياة لم ولن تكون لنا كما نشتهي ونريد، وأهم من هذا أن أغلب ما تتمناه أرواحنا وتميل إليه قلوبنا لا يصب بالضرورة في مصلحتنا وما أراه أن تضبط مشاعرك وتسيطر على عواطفك فتفكيرك الدائم بها سيعطلك كثيرا ويفقدك طاقاتك وربما استنزف خزان طاقتك، فالعشق سلوك أؤمن بإمكانية السيطرة عليه أو على الأقل تجفيفه قليلا, فما أوصيك به أن تتريث قليلا وتتفه من الأمور كما يجب أن تفهم وتلك الحالة تسمى (الوقوع في الحب) ولا ترتقي أن تسمى حبا، فليس هناك ما يثبت أنها تبادلك المشاعر وأنها تميل إليك، يقول د. جاري تشابمان: الكثير من البشر يمر بتجربة الوقوع في الحب فنقابل شخصا تكون صفاته وسماته كافية لأن تسبب لنا صدمة كهربائية تثير إنذار الحب داخلنا.
وهذا ما يحدث حيث يتولد إحساس مبالغ فيه وغالبا ما يكون مخادع حيث الشعور بأن هذا الشخص مثالي وانه فريد الدهر وقريع الزمان وغالبا ما تكون الأمور مجانبة للتوقعات!
تأتي الرياح على ما ليس في خلد
ويخطئ الظن في بعض الأحايين
وقد قامت عالمة النفس د. دروثي تينوف بدراسة العديد من حالات الوقوع في الحب وتقصت في التفتيش، وقلبت الأمر ظهرا لبطن، فوجدت أن متوسط عمر الهوس الرومانسي عامان!! وقد خلصت تلك العالمة ومعها الطبيب النفسي الشهير سكوت بيك إلى أنه لا يمكن إطلاق كلمة حب على تجربة الوقوع بالحب كالتي تمر بها حاليا بل أعطت د. تينوف لتجربة الوقوع في الحب وصف (Limerance) والتي تعني الهزل لتمييزها عما يعتقد أنه حب حقيقي فما عليك إلا التصبر وتجفيف منابع الذكرى حتى تنقضي الفورة وتسكن العجاجة وأنصحك بأن تكون أكثر ثباتا ورزانة فالنساء يعجبهن الرزين الثقيل الواعي بتصرفاته فلا تحسب أنك بسرعة تجاوبك مع طلباتهن وعدم ردك لأي طلب لهن ستنال الاحترام وتكسب التقدير فحالك أضحيت معها كالخادم وهو ما سيجعلك أضحوكة عند الجميع فما هكذا تورد الإبل وما هكذا يكتسب الإنسان الاحترام والتقدير!
شعاع:
سُئل طبيب كان موصوف بالحذق: ما العشق؟ قال: شغل قلب فارغ.