الدعوة إلى الله - تعالى - وظيفة الرسل وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين . تنسحب على كل عصر بكل وسائل الاتصال المناسبة, التي لا تتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية ؛ من أجل تحقيق المصلحة، ودرء المفسدة. كل ذلك بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، بعيدا عن كل ما من شأنه، إثارة حفائظ الآخرين.
ومنذ أن تعاهد - الإمامان - محمد بن سعود، ومحمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - في القرن الثاني عشر الهجري، على محاربة البدع والخرافات والشركيات، والعودة إلى نقاء الإسلام وصفائه، تمكن أئمة الدولة السعودية من توحيد البلاد، ونقلها إلى عهد جديد اتسم بالاستقرار، وانتشار الأمن، وتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة نواحي الحياة. مع العلم بأن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لم تكن مذهبا جديدا، أو حركة دينية خاصة بمنطقة إقليمية معينة، بل كانت دعوة قائمة على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما كان عليه سلف هذه الأمة الصالح . تطورت بمؤازرة الدولة، واكتسبت قوتها وانتشارها، من قوة الدولة وامتدادها. وبقدر موافقتها لما كان عليه الجيل الأول، كان له من العزة، والنصرة، والتمكين، والعلو بالحق في الأرض.
لذا فإن أمر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بالشروع في تطوير إذاعة «نداء الإسلام» من مكة المكرمة، وإطلاق بثها «12» ساعة يومياً، والعمل نحو الاستمرار في تطويرها تدريجيا حتى يبلغ «24» ساعة، هو جزء من العمل الدؤوب على خدمة الإسلام، والدعوة إلى الله.
كما أن هذه الإذاعة المباركة، تعتبر امتدادا لإذاعة القرآن الكريم، التي بدأ بثها المبارك، في اليوم الثاني من شهر صفر من عام «1392هـ»، بتوجيه كريم من الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله -. تلك الإذاعة التي ملئت بالخير، وضبطت بالمنهج الشرعي الملتزم بالكتاب والسنة.
هاتان الإذاعتان دليل على عناية الدولة السعودية بالقرآن وعلومه، وربط المسلمين في أنحاء المعمورة كافة به، حفظا وتجويداً وترتيلاً وتفسيراً. وقد كان سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، يثني كثيراً على تلك الجهود، كما يثني على المسؤولين في وزارة الإعلام، على اهتمامهم بإذاعة «القرآن الكريم»، وقيامهم على شؤونها؛ لما يرى من أهميتها، وأثرها العظيم في تعليم الناس كتاب الله وتفسيره، وشرح أمر دينهم، الذي هو جزء من إظهار شعائر الإسلام. وهو - بلا شك - نموذج فريد في تطبيق الهوية الإسلامية، وبناء الإنسان الصالح الذي يعرف ربه ونفسه ورسالته.