تعد مؤسسات البريد من أهم المؤسسات الخدمية في العالم، إذ تعد الرسائل البريدية أقدم وسائل التواصل التي لم نستغن عنها رغم التطور التقني وظهور وسائل الاتصال المتقدمة.
ومؤسسة البريد السعودي تعد من المؤسسات المهمة في المملكة، إذ لا غنى للوزارات والجهات الحكومية والخاصة عن خدمات البريد، وبسبب تلك الأهمية بدأت المؤسسة تعيد صياغة هيكلها الإداري والفني وتهتم بعملية تطوير أدائها لمستوى أفضل يقارن بمثيلاتها على مستوى العالم، إذ تعددت خدماتها واستفادت من تجارب شركات الشحن الدولية الأخرى وحاولت محاكاتها.. فدشنت مشروع واصل العالمي الذي تستطيع من خلاله الاطلاع على مسار الطرد البريدي حتى يصل إليك، وغيرها من الخدمات التي ساهمت في ارتقاء عمل البريد السعودي وتواكب كل المستجدات في هذا المجال.
ولم تقتصر المؤسسة على هذه الخدمات وحسب، بل قامت بتحسين وضع موظفيها، وتأهيلهم للعمل في هذا المجال، ومن آخر ما قامت به هذه المؤسسة من معايدة منسوبيها في أواخر شهر رمضان المبارك بإيداع مكافأة شهرين عن شهر رمضان، وذلك عبر معايير وضوابط وضعت لتلك المكافآت، إذ ربطتها بالتزام الموظف بالحضور والانصراف في الوقت المحدد، وكذلك مدى فاعلية وإنتاج الموظف وعدم تكاسله في أداء العمل، وهذه المعايير وغيرها تساهم في مكافأة المتقن لعمله ومعاقبة المتكاسل في تنفيذ ما يكلّف به وتميّز الذي يعمل والذي لا يعمل، مما يجعل الموظفين قادرين على تقديم خدمات للمستفيدين بشكل احترافي وتميّز خدمي.
وفي ظني أن المؤسسة لامست الجرح الخفي من خلال هذه المعايدة لموظفيها بهذه المكافأة المجزية؛ إذ إن التحفيز المادي أصبح الآن من الأمور المهمة هذه الأيام نظراً للظروف الاقتصادية المتدنية التي يمر بها أغلب موظفي قطاعات الدولة بسبب المتطلبات الكثيرة التي يحتاجها الموظف في تلبية احتياجاته واحتياجات أسرته، وقلما تجد هذا التحفيز في مؤسساتنا وقطاعاتنا الحكومية مما يجعل الكثير من الموظفين في هذه القطاعات تقل إنتاجيتهم بنسبة كبيرة جداً مقارنة بإنتاجية موظفي المؤسسات الأخرى - ومنها البريد السعودي - التي تقدم لهم مثل هذه الحوافز، ويجعل الموظفين المتميزين يفكرون في الانتقال من قطاعاتهم إلى قطاعات أخرى تُميّز وتُقدّر أعمالهم وجهدهم.
ومن وجهة نظري فإن مؤسسة البريد السعودي تعد أنموذجاً رائعاً ومثالاً يحتذى به في ما تقدّمة من حوافز مادية وخدمات إدارية لموظفيها داخل المؤسسة، حيث يشمل ذلك التحفيز التأمين الطبي، والذي يُعد من أهم الحوافز للموظفين في وقتنا الحاضر، كذلك المرونة في الترقيات أو الموافقة على نقل الموظفين إلى الأماكن التي يرغبون بها سواء داخل المدن أو خارجها، كذلك حرص المؤسسة على تدريب موظفيها كل حسب تخصصه داخل المملكة أو خارجها، مما ينعكس ذلك إيجابياً على نفسية الموظف ليعمل بجد وإخلاص وتفان من أجل مؤسسته.
وختاماً: فإن تجربه مؤسسة البريد السعودي ثرية وتستحق الإشادة بتلك التجربة، كما نتمنى من الجهات الحكومية والمؤسسات الأخرى تطبيق إستراتيجياتها المتبعة والتي ساهمت في نقلها إلى مراتب متقدمة من حيث تقديم الخدمات الراقية والمتجددة، مؤملين أن تستمر في هذا التميّز وأن تنقل هذه التجربة لقطاعاتنا الحكومية الأخرى.
والله الموفق،،،