يعمدُ الكاتبُ والشاعرُ والخطيبُ في كثير من الأحيان إلى إغراق موضوعه الذي يتحدث عنه بالمحسنات البديعية واللفظية كالجناس والطباق والتشبيه وغيرها بغية إيصال المعلومات التي يتحدث عنها للمتلقي سواء كان قارئاً أم مستمعاً بأيسر الطرق وأجملها.
لكن يبقى بيت الشعر المشهور الذي يُنسب لأبي الوأوا الدمشقي (الذي يصف فيه حسناء باكية) بيتا لا يجاري من حيث التشبيه البليغ الذي ملئ به يقول أبوالوأوا:
وأمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت
وردا وعضت على العُناب بالبرد
فقد شبه دموع الحسناء وهي تبكي مطرا يتساقط كحبات اللؤلؤ من عينيها الجميلتين اللتين تشبهان زهر النرجس وهو زهر يتفتح له أهداب.
وشبه خديها الأسيلين بالورد (الأحمر) الذي سبقاه اللؤلؤ (الدموع) كما شبه أصابع يديها (أناملها) كالعناب وهو نوع من العنب طويل الحبة رفيعها.
وقد عضّت على أناملها -ندماً وحسرةُ- بأسنانها التي تشبه حبّات البرّد ببياضها وحسن اتساقا.
يا له من تشبيه بليغ قد لا نجده في أي بيتٍ شعرٍ آخر.
بريدة