استوقفني رد عبد الله الجلالي في العدد 13923 على ما كتبه الأستاذ والكاتب المتألق محمد آل الشيخ.. وما أنا بصدده في هذه الحال هو توجيه الرسالة إلى الأخ الجلالي ومضمونها:
لدينا اعتقاد لا يخضع للظن بأن بلادنا بخير والحمد لله وقد حباها الله نعمة عظيمة غزيرة العطاء ومليئة بأغنى مخزون تحت أرضها، ولكن هذا لم يمنع من وجود الفقر وحالات العوز وشأفة الحاجة، ووجوده ليس عيباً، ولكن العيب أن ينفي من وهبه الله نعمة المال الوفير والسكن المريح، وخلو قائمته الشخصية من الديون، حالات الفقر الذي لم تسلم منه عائلات فقدت ربيبها لوفاة أو طلاق أو عدم كفاية الدخل الشهري لأعباء الحياة وتوالي مصروفاتها. ولعل الجلالي يضع في حسبانه أن اعتماد الضمان الاجتماعي للمكافأة الشهرية للمستفيدين ما هو إلاّ دليل على وجود الحاجة والعوز.
ولعله يذكر أيضاً أن «صندوق معالجة الفقر» الذي تم دعمه بمائة مليون ريال يُعد دلالة أكيدة على أن هنالك شعوراً من الدولة، بأنّ الفقر لا يتردد أن يكون ضيفاً غير مرغوب فيه على منازل لا تزال تعاني قصوراً في تلبية حاجات أساسية لأفرادها، ولعل الأخ الجلالي لا ينسى أنّ النداءات التي يطلقها أولو الأمر في بلادنا إلى الميسورين من التجار ورجال الأعمال، بوجوب التكافل ومد يد المساعدة إلى من تراكمت عليه الديون والأعباء، ما هو إلاّ إحساس نبيل على أن الفقر بعباءته الكالحة يخفي الوجه الباسم الذي يود أن يكون له حضور مشرف في الحياة.
إنّ ما يثير حفيظة الجميع أن يأتي أحدهم ويطرح رأياً أو يصدر حكماً جائراً من برجه العاجي، وهو لا يدرك حجم المعاناة أو مستوى الحال عن محيطه، وهو بهذا لا يتوانى عن تعنّته رغم شعوره المستتر بوجود المشكلة، أعتقد أنه حينئذٍ سينفض الجميع من حوله ويصبح صدى صوته في الأرجاء ضعيفاً لأنه لم يتلمّس حقيقة واقعه الذي يزدحم بإرهاصاته.
أرجو منك يا أخ عبد الله ألاّ تقيس الجميع بذات حالك ووضعك المعيشي، فإذا أنت تنعم برفاه المال والمسكن، فغيرك لم يصل بعد إلى ما أنت عليه، ولم يزل بجهد الخطوة ويتجشّم الصعاب تحت لهيب الشمس ولسعات البرد، لأجل أن يعيش أهل بيته حياة كريمة تبعدهم عن طَرْق أبواب الأثرياء!! ومن امتلأ رصيده بالعدد الذي تجاوزت خاناته تسعة أو عشرة منازل، فالأحرى به أن يحمد الله تعالى على هذه النعمة ويتحسّس مَن حوله من الفقراء والمعوزين حتى تحلّ عليه بركات ماله، أما أنت يا أستاذي صاحب القلم السيّال ويا من تربّع قلمه على عرش السطر والورق الكاتب محمد آل الشيخ، فلك مني كلّ التحية والتقدير وأمض برؤيتك النيّرة فها نحن نرحل مع حرفك الجميل.
سعد محمد العليان – عنيزة