لا يمكن أن يمر الحديث عن التاريخ الألماسي للشعر الشعبي الجميل منذ حقبة السبعينيات دون أن يذكر الموثّق الدقيق اسم الشاعر الرائع مسفر الدوسري كرقم صعب في الساحة الشعبية، فهو من قلة من نقلوا الشعر بثقافتهم ووعيهم ومخزونهم اللغوي وتنوع مشاربهم المعرفية من التعبير النمطي الممل السائد (والمتشابه حينذاك) إلى ما يميز الشعر بوجود مجموعة من الأسماء كان الأستاذ الشاعر مسفر الدوسري ولا يزال أحد أبرز هذه الأسماء حضوراً عطفاً على ما في جعبته من تميز توثقه دواوينه وأطروحاته الصحافية وبروزه في الحراك الثقافي كشاهد على تميز الشعر الشعبي الجميل في المشهد الثقافي الخليجي، وفي استضافة المشاكس والمهني القدير الزميل الشاعر يوسف الكهفي للشاعر مسفر الدوسري كشف عن جانب من البهاء والنقاء والرقي والشفافية في شخص الشاعر مسفر الدوسري حين استفزه بشكل موضوعي لينتزع من شاعرنا - أبو عبدالله - قاعدة مشرفة للشعر والشعراء وهي أن حضوره في الساحة (للشعر والإبداع - لا للمصالح والدراهم) التي باتت تُقاس بها إنجازات البعض مع بالغ الأسف، وفي إيثار واقعي ومنصف ومنطقي دعى شاعرنا لتحجيم الشعر الشعبي لصالح الفصيح، والرواية والقصة، وقال لا بد من هذا التوازن لأن الشاعر لا بد أن يستقي ثقافته المكتسبة من هذه المصادر في ظل تدني أكثر الشعراء الشعبيين في سقفهم الإبداعي مستشهداً بالحال التي هي عليه حال الشعر الشعبي في أكثر وسائل الإعلام التي تقدمه، وفي مداخلة مؤثرة جداً للشاعر المتميز فهد دوحان تأثر الدوسري وذرفت دموعه وكان المشهد أكبر من تصويره بشكل دقيق، وهنا تفاعل الشاعر - مقدم البرنامج - يوسف الكهفي بفسح المجال أمام المتداخل وضيفه - بصمت مؤقت - كنوع من احترامه لتفاصيل الموقف من جهة وتأثره كشاعر قبل كل شيء وإن أخفى رقته خلف شغبه المعتاد المثير الذي يميز أسلوبه الخاص به في خطه الإعلامي المعروف.