ليس الخبر كالخبر، فالخبر غياب الملك الصادق عن أعياد الحجيج «لوعكة صحية ألمّت به». لله درُّ أبي متعب، عشق بلاده فبادلته بالعشق أرضها وسماؤها، وأحبّ قومه فتُيمّت به أفئدة شيبهم وشبابهم. فهو مِلء الزمان ومِلء السهلِ والجبلِ.
هو الملك الصالح حقًا وصدقًا، لا يغرّه ثناء ولا يضيره هجاء، فهو ملك لا يرفع من قدره مدحٌ ولا ينقص من حقه ذمٌ، وما عنده إلاّ سطوة العدل، وما هو إلاّ حارس له. فتبارى الزهّاد والحكماء والأوفياء في حمده وشكره.
«فما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا
إِذا لم يَكُنْ فَوقَ الكِرامِ كِرامُ»
أدرك الملك الراشد الحكيم بأنّ المُلك لا يأتي بالمَلك، بل إنّ المَلك هو الذي يصنع المُلك. فكان عبد الله بن عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية المتطوّرة.
«وإذا كانت النفوس كبارًا
تعبت في مرادها الأجسام»
همُّ البلاد والعباد أثقل جسد الملك العادل، فأقعده عن المشاركة في أعياد المسلمين، فحزنت القلوب ودمعت الأعين، ولزم النُسّاك محاريبهم يدعون ربهم بالشفاء العاجل للملك الصالح.
قال تعالى ?فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ?، الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك مبارك، فلعلّ الله قد اطلع على قلبه فعلم صدق نيتّه وطهارة قلبه ونُبل مقصده، فأجرى على يديه أنهار الرزق وفتح له كنوز الدنيا وفجّر له خيرات الأرض ووضع محبته في قلوب الناس، ثم منَّ عليه بعد ذلك بالتسديد والتوفيق، ويسّر له طرق الخير وهداه إلى أصوب الرأي وأرشده. والتوفيق في الرأي وسداده والهداية إلى فعل الخير هي من أعظم منن الرب، قال تعالى في ذكر مننه على عباده الصالحين ?وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ?.
عيدنا اليوم عيد سعيد، فإنْ كان المليك قد غاب عن أعياد الحجيج بجمع عند المشعر الحرام وعن تلك المنازل من منى، فقد شرقت نجد بدمعها طرباً، إذ قام فيها أبو متعب سعيداً باسماً معايداً للناس ومسلماً. عيدنا اليوم عيد سعيد، فاليوم يشهد العالم أساسات النهضة الحديثة الدائمة للديار السعودية لتُرفع فتوضع تاجاً على رأس الديار والأمم والدول.
فيا ربّ كما أسعدتنا وأكرمتنا ومننت علينا بهذا الملك الصالح، فاتمم علينا فضلك وكرمك يا ذا الفضل والكرم بشفاء عبدك عبد الله بن عبد العزيز.
