«كاريزما» المَلِك الإنسان تصنع الحدث؛ فبعد انشغالنا جميعاً بحالته الصحية المفاجئة، تسمرت أعيننا أمام شاشات التلفزيون نتابع ظهوره الإعلامي الأول الذي كشف عن تحسن حالته، وطمأننا على صحة الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. أصبح محوراً لحديث عموم المواطنين دون استثناء، كيف لا وهو من ملك زمام القلوب قبل مقاليد الحكم؛ إنه الحدث الأهم في العيد السعيد؛ طغت فرحتنا بشفائه؛ وظهوره الإعلامي، وحديثه النقي الصادر من «القلبِ إلى القلب»؛ على فرحتنا بالعيد السعيد. كيف تحولت أحاديث ومناسبات المواطنين إلى احتفائية خاصة بسلامة الملك؟، إنه الحب الذي نعجز عن تفسيره، أو الإحاطة به، حب الشعب لملك الإنسانية، الذي تعامل معهم ببساطة الآباء، وشفقتهم، لا تسلط الزعماء وقسوتهم. التقط الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الحديث؛ معقبا بتلقائية عن الفرحة بشفاء الملك: «اليوم اكتشفنا المعنى الحقيقي لمقولة العيد عيدين؛ عيد الأضحى، وعيدنا بشفاء الملك؛ هما فرحتان عظيمتان مَنَّ الله بهما علينا، فلله الحمد والمنة»؛ تلقائية معبرة تحدث بها الأمير خلال تشريفه احتفالات العيد، ولقاء الأهالي بمحافظة الجبيل. يرى الأمير سعود أن شكر الملك عبدالله لمن سأل عنه، الذي ووجهه لل»القاصي والداني وعلى رأسهم الشعب السعودي الكريم» تضمن رسالة حب وتقدير للشعب السعودي، العامة منهم قبل الخاصة، أما قوله «النسا ما شفنا منهن إلا كل خير» فهو تقدير للمرأة، ودورها في المجتمع.
أجزم أنها رسائل عفوية كشفت عما يخفيه الملك من محبة وتقدير لأبنائه وبناته المواطنين انحدرت منه بتلقائية عجيبة يفتقدها البسطاء قبل العظماء، صدرت «من القلب إلى القلب». ألم يُخاطب، حفظه الله، أعضاء الهيئة الرئاسية بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطنى بقوله:» لست بخطيب بل متكلم من القلب إلى القلب أنا فرد منكم وواحد من إخوانكم» هي كذلك كلمات صدرت من قلبه النقي الأبيض فتلقفتها قلوب مواطنيه المُحبة قبل آذانهم.
حَمِلت كلمته، حفظه الله، التي ألقاها في حفل استقبال المهنئين بالعيد، مضامين الحب والتقدير، والتلاحم بين الشعب والقيادة، ورسائل التسامح والبساطة، وكرست منهج الاعتذار الكريم الذي قل أن يُرى مثله بين الزعماء، خصوصاً في علاقاتهم مع الرعية. اعتذر الملك عبدالله لمن حضر الاستقبال الملكي وخاطبهم بقوله «سامحوني لأنني ما قمت، بل صافحتكم وشكرا لكم»؛ قمة التواضع والتودد إلى الآخرين. أذكُرُ أن الملك عبدالله قد اعتذر بشفافية في نوفمبر العام 2006 لأهالي جازان، خلال زيارته المنطقة بقوله: «أيها الاخوة والأبناء: لقد تأخرت مسيرة التنمية في جازان في الماضي لظروف لم يكن لأحد يد فيها، إلاَّ أن دولتكم عقدت العزم على إنهاء هذا الوضع، باختزال المراحل، ومسابقة الزمن، وإعطاء جازان عناية خاصة»؛ وهو ما تحقق بالفعل خلال الأعوام الماضية؛ شفافية العظماء واعتذارهم يُقربهم من قلوب المواطنين، ويُلبسهم ثوب التواضع، الذي أحسَبُ أنه يرفعهم عند الله درجات، ففي الحديث الشريف «ومن تواضع لله رفعه».
كلماته الموجهة بَلَغت مواطنيه دون حواجز؛ فشكره كُل فرد من الشعب السعودي جعل الجميع معني بكلماته الصادقة المُباشرة؛ فمن ذا الذي لم يسأل عن صحة الملك أو حدثته نفسه رؤيته أو زيارته والاطمئنان عليه متى استطاع. «أنا بخير ما دمتم بخير» قالها الوالد القائد، ونقول: نحن بخير ما دمت أنت بخير؛ وهو شعور اختزله شعرا القارئ (خالد) في موقع الجزيرة على الإنترنت، تعليقا على مقالتي السابقة (طهور يا خادم البيتين) فقال:
(لا طبت ياريف الضعوف المساكين
يا حاكم الأمة بحكم الرسالة
نطيب وإنجيلك على البعد عانين
ومن غير أبو متعب طلبنا وصاله..)
نعم، نُشفى جميعا إذا ما شُفي المليك؛ إنه الحب المتبادل، حب الوالد القائد لشعبه، واهتمامه وتقديره لهم، وشفقته عليهم، وحب الشعب لقائدهم، والالتزام بطاعته، وحرصهم عليه، والاهتمام المطلق بحالته الصحية. نحمد الله على سلامة الوالد القائد، ونسأله تعالى أن يديم عليه نعمة الصحة والعافية، والسلامة الدائمة، وأن يجعل أيام الوطن والمواطنين أفراحاً وأعياداً.