الكعبة المشرفة والبيت العتيق مكان طاهر ذو تكريم وإجلال وتعظيم وقداسة رفع الله قدره وأعلى مكانه وطهر بقاعه {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} سورة البقرة.
يرجع تاريخ بناء الكعبة المشرفة إلى أصول وجذور تمتد إلى ما قبل عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فهناك من قال إن الملائكة هم أول من بنى البيت وأسسه بأمر من الله تعالى، وهناك من نسب بناءها إلى آدم عليه السلام حيث أوحى الله عز وجل إلى آدم ببناء الكعبة المشرفة، ثم توالت القرون حتى جاء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعد البيت، والكعبة المشرفة مكان مقدس عند جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إذ هي قبلتهم في الصلاة ومقصدهم في الحج، وهي ثمرة دعوة الخليل عليه السلام {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} جعلها الله مثابة وأمنا لا ينفر صيده ولا يعضد شوكه ولا يسفك فيه دم {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}.. أماكن وشعائر عظمها الله.. { فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} استجاب الله الدعاء فلبت الخلائق نداء أبيهم إبراهيم فأتوا من كل فج عميق برا وجوا وبحرا وألسنتهم تلهج بذكر الله وأفئدتهم تهوى للقياه..
من بركات هذه الدعوة أن جعل الله بيته قياما للناس..جعله صلاحا ومعاشا تقوم به حياتهم ويأمنون فيه على أنفسهم {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ...} وها هم حجاج بيت الله وضيوف الرحمن يتقلبون في عرصاته ويتنقلون بين شعائره ويقضوون تفثهم في ظلال أمن وارف وسبل آمنة وطرق ميسرة في وحدة متكاملة من الخدمات والجهود المتضافرة من أعلى المسؤولين من غير تقصير في جهد أو تقتير في مال من خلال تلك التوسعة المشهودة والتنظيم المتقن والرعاية المحكمة الذي بذل فيها الغالي والنفيس وكل هذا ما كان لولا فضل الله ورحمته ثم اهتمام ورعاية ولاة أمرنا - حفظهم الله - فنسال الله أن يحفظ بلادنا وأن يديم عليها عزها وتمكينها والخير في ربوعها.