الجزيرة - الرياض
أقرأ في الجزيرة اهتماماً وحرصاً على اللغة العربية وآدابها وأعلامها وهو موقف يحمد لها ونقرأ بعض الأحيان في بعض الصحف انتقاداً لأئمة اللغة والأدب العربي أولئك الأعلام ويقف المرء حيال ذلك موقف المشدوه بين العجب والتساؤل بل الغضب فهذا الفخر واللمز لأئمة البيان والفصاحة واللغة وهذا التعريض المحض والسخط الحاقد والنقد اللاذع والزراية الساخرة على أولئك يجعلنا نقول ويحكم. يا من نشأتم في المدارس الأجنبية فتصنعتم المعرفة و تكلفتم الاشتغال بخدمة التراث وترديد أراء الغربيين المتعصبين فأنتم تلبسون مسرح الأدب والنقد وتحاولون من خلال ذلك البروز والشهرة وتحقيق مقاصد قريبة ومن دأب البعض أن ينقلب في رأيه ولا يجري في حسه وشعوره حب التراث وأعلامه فقصر جهده على صوغ النزهات والأباطيل.. إن من يستعرض تراثنا الأدبي وأعلامه يدرك أن لهم موضعاً منفرداً ومكاناً بارزاً في شتى فروع الأدب والثقافة، وسيبقى ذلك ثابت ما ثبت الحق مقروء ما بقي الزمان لأنه بحر لا يحصره ساحل وسيل لا يحجزه سد كما يقال.
ولا عجب فإن تراث المرء تاريخه وذاته والغض من تراثه غض منه هو والتفضيل على تراثه تفضيل عليه ولا يرضى لنفسه ولتاريخه وأدبه الضعة إلا عاجز.
لقد كان أسلافنا رسلاً للعلم وحماة للمعرفة وفرساناً للفصاحة والبيان ونوابغ أنجبتهم الثقافة الإسلامية وقدر لتراثهم أن يعيش إلى اليوم ويدرسه غيرهم من الأمم الأخرى، فمن يقرأ كتب الجاحظ وابن المقفع والثعالبي وابن قتيبة والنويري والقلقشندي والأصفهاني والحريري والميداني والعسكري يدرك أهميته، لقد وقفوا حياتهم واستعملوا مواهبهم بسخاء في تكوين هذه الثروة الأدبية و العلمية التي لا تعادلها ذخيرة فكرية والتي لا تزال مرجعاً ومادة واسعة في اللغة والبلاغة والأدب، لقد أثروا كل راحة ولذة وجاه ومنصب فأنتجوا ثروة علمية وخلفوا تراثاً نفيساً.
لقد كان أولئك الأسلاف برهاناً ساطعاً على قدرة العقل العربي على العطاء والنبوغ، إن هناك من غير العرب والمسلمين من رزق الإنصاف والاتزان الفكري وسعة آفاق النظر و رحابة الصدر، فكتب منصفاً إلى أهمية الأدب العربي وسعة اللغة العربية موطناً وتاريخاً وتراثاً وإلى أثرها في لغات العالم وآدابه.
عبدالله بن حمد الحقيل