عُرف المسطح المائي الذي يقع إلى الشرق من شبه الجزيرة العربية، وإلى الغرب من إيران بأسماء مختلفة عبر التاريخ. وحتى الألف الثالثة قبل الميلاد كان أقدم اسم معروف له هو اسم (بحر أرض الإله). وبدأت الشعوب المختلفة باستعمال أسماء كثيرة لوصفه منها: الخليج العربي، ابتداء من عهود السومريين والبابليين إلى الوقت الحالي. وتعود هذه التسمية إلى عهد اليونان والرومان، أما العرب فقد سموه (خليج البصرة أو خليج عمان).
ويبلغ المجموع العام لطول الساحل على الخليج نحو 3300 كم، حصة إيران منها نحو الثلث. ويسكن العرب على ضفتي الخليج سواء في القسم الغربي (عمان والإمارات والبحرين وقطر والسعودية والكويت والعراق) أو من الشرق في (إقليم عربستان) في إيران. ويظهر الإيرانيون حساسية شديدة للغاية تجاه تسمية الخليج العربي، ويبالغون بالحساسية حين نعلم أنهم بدأوا رسميا المطالبة بتغيير الاسم للخليج الفارسي،حتى أن مستخدمي الإنترنت من الإيرانيين شنوا هجوما مكثفا على شركة (جوجل) لإرغام أكبر محركات البحث على ترجمة الخليج إلى Persian Gulf. رغم أن كثيرا من الممرات المائية العالمية والبحار والمحيطات تطلق عليها أسماء مختلفة بحسب موقعها، وهو أمر غير مستغرب حيث يطلق البريطانيون اسم (قناة إنجلترا) على الممر المائي بين إنجلترا وفرنسا، في حين يستخدم الفرنسيون اسم (بحر المانش) على نفس الممر.
والواقع أن النزاع على الاسم يعكس صراعاً سياسياً وقومياً ذا مضامين استراتيجية أكثر منها جغرافية. فإيران ترفض أي تسمية أخرى بما فيها الاسم الأكثر حيادية: (The Gulf الخليج) بدون ذكر كلمة عربي أو فارسي، ووصل الأمر بها إلى مقاطعة الخطوط الجوية البريطانية بسبب استعمالها له. وفي فبراير 2010م, قامت إيران بطرد مضيف جوي يوناني بسبب استعماله اسم الخليج العربي. مما دعا سفير إحدى الدول الخليجية في إيران للتصريح في نفس الشهر (فبراير 2010م) بأن التسمية ليست موطن خلاف, وأن تسميته بالخليج العربي تمت تحت ظرف سياسي معين!
وعلى جانب آخر، في العام ذاته وبالتحديد يناير 2010م تم إلغاء الدورة الثانية من ألعاب التضامن الإسلامي بسبب اعتراض العرب على تدوين كلمة (الخليج الفارسي) على قلائد البطولة وجميع وثائقها, وكان العرب قبل ذلك اقترحوا كتابة لفظة الخليج فقط، لكن إيران واجهتهم بالرفض!!
وقد سبق أن كتبت مقالا حول ذلك، وأبديت فيه الأسى والحزن على الخلاف في الأسماء، بينما هو بحر لا تضره التسمية، ولا تغير من ملوحته ولا صفائه! وقد اقترحت تسميته بخليج (السلام) تفاؤلا بتأصيل مفهوم السلام في البحر ليمتد إلى النفوس. ولكن يبدو أن مصطلح السلام أصبح يعني الخضوع والخنوع واليأس أكثر من التسامح والوئام والأمل، فصار ثقيلا على النفوس، لذا فإن تسميته بالخليج الإسلامي هو الاسم الذي قد يتفق عليه العرب والفرس. فليس أسمى من الإسلام الذي نشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وليس أقوى من الإسلام الذي يجعلنا نتجه لقبلة واحدة، وليس أروع من الإسلام الذي يوحدنا بالصيام ، وليس أجمل من الإسلام الذي يجمعنا في مكة وعلى صعيد عرفات بلباس موحد وقلب متجه لرب واحد.
ولقد مللنا الفرقة ونحن نبتعد عن إسلامنا، فلنجعل الخليج الإسلامي يقربنا، ويوحد كلمتنا لنهزم عدونا، ونصعد فوق خلافاتنا وننبذ تمايزنا بالألقاب والعنصرية وننتصر على أنانيتنا، ونغير من أنفسنا لأنها أهم من المسميات القابلة للتغيير.