كثيراً ما نسمع عن جرائم السرقة والسطو والاعتداء على ممتلكات الناس، ولا شك أن جميع أنواع السرقة محرمٌ في شريعة الإسلام، ولا يقوم بهذه الجريمة إلا ضعاف الإيمان والدين، ولقد حدد الإسلام للسارق عقوبة عظيمة ليكون عبرة لغيره، وهذه العقوبة هي قطع اليد للسارق،
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ}.
إن ما يقوم به بعض الجناة من جرائم السرقة والاستيلاء على ممتلكات غيرهم فيه ترويعٌ للآمنين وإحداث حالة من الخوف والرعب في نفوس المسلمين.
إن جريمة السرقة لم تكنْ وليدة العصر وإنما كانت متواجدة في الأزمان السابقة والعصور الغابرة واستمرت إلى هذا العصر وهذا الزمان.
ولا شك أن جريمة السرقة تكون أكثر بشاعة عندما يستخدم الجاني فيها سلاحاً أو أداة خطيرة لتخويف الآمنين المطمئنين.
وكم سببت جرائم السرقة في مجتمعنا الآمن من أضرار جسيمة، فكم من جريمة قتل نفذها الجناة إذا ما واجهوا مقاومة من ضحاياهم الأبرياء، وكم انتهك من عرض مصون من بغاة كان قصدهم أول الأمر السرقة.
لقد ازدادت جرائم السرقة في هذه الأيام بشكل لافت للانتباه، فلا يكاد يمر يوم من الأيام إلا نرى ونسمع أو نقرأ عن جرائم السرقة والسطو والاعتداء على ممتلكات الناس.
ولقد اختلفت أنماط السرقات والوسائل التي يستخدمها الجناة أثناء تنفيذهم لجريمة السرقة، وبعض السرقات لا يستغرب المرء من وقوعها وذلك في حالة وجود فرصة مناسبة في غلس الليل وفي حالة سكون الكائنات واختفاء السارق عن أنظار الناس، ولكن المستغرب أن تقع السرقات أمام مرأى ومشاهدة الناس ويكون السارق أكثر جسارة وجرأة، ومن تلك السرقات اختطاف السارق حقائب النساء أثناء سيرهن في الأسواق أو مرورهن في الطرقات أو تواجدهن في المتنزهات، ويصحب ذلك النوع من السرقات إصابات خطيرة للنساء وترويعهن وإحداث الرعب والخوف في نفوسهن، وهذا النوع من السرقات كثير جداً في هذا الزمان، ومن صور جسارة وجرأة السارقين تكسير زجاج السيارات أمام المساجد في أثناء تأدية المصلين للصلاة وسرقة الأشياء الثمينة التي توجد في السيارات، وكم فُجع من آمن عندما يخرج من المسجد بعد تأديته لفريضة من فرائض الله ويجد أن سيارته قد كُسر زجاجها، وفتحت وسرق ما فيها من أشياء ثمينة وغالية لدى أصحابها، ومن صور جسارة بعض اللصوص مهاجمتهم لبعض أصحاب المحلات التجارية وتهديدهم بالسلاح وتعريضهم للخطر في حالة امتناعهم عن إعطائهم ما يريدونه من الأموال سواء كان الوقت ليلاً أو نهاراً، وتتكرر حوادث سرقة المواشي في الصحراء والأحواش ويُفجع أصحاب الماشية بتلك السرقات التي يقوم بها الجناة.
إن السارق لم يتجرأ على سرقته بهذه الصورة إلا بعد ما أمن العقوبة، وعلم أنه في مأمن من الخطر، ولله در الشاعر العربي القائل:
تعدو الكلابُ على من لا أسود له
وتتقي مربض المستأسد الضاري
ومن الأسباب التي جعلت السارق يتمادى في ضلالته وإجرامه عدم سماعه عن عقابٍ صارم لمن سبقه في السرقة والجريمة، ولو سمع أو رأى أن الأحكام التعزيرية صارمة وقاسية على أهل السرقة والمعتدين لكان ذلك رادعاً له عن ارتكاب الجريمة، لذا فإننا نوجه إلى أصحاب الفضيلة القضاة رسالة نطالبهم بجعل الأحكام على المروعين للناس أكثر صرامة وشدة وغلظة، وفي ذلك منتهى الرحمة بالناس المتضررين وبذلك يقل معدل السرقات.
ومن أسباب تفشي ظاهرة السرقة والاعتداء على أموال الناس عدم تكثيف عدد رجال الأمن في الأحياء السكنية، ولو تواجد رجال الأمن بشكلٍ مستمر وبأعداد مناسبة في الطرقات والممرات لما تجرأ السارق على ارتكاب جريمته بهذه الصورة.
ومن الأسباب التي ساعدت على تفشي السرقة سهولة بيع المقتنيات المسروقة وعدم وجود الجهات الرقابية بالشكل المطلوب، حيث يأتي السارق ومعه مقتنيات مسروقة ويعرضها للبيع أمام الناس فيبيعها بثمن بخسٍ ويجد من يشتريها ويشجعه على مواصلة مشواره الإجرامي، ولو وجد مساءلة ومناقشة من الجهات ذات العلاقة لكان ذلك رادعاً له ولتردد كثيراً قبل ارتكاب جريمة السرقة.
ومن أسباب كثرة السرقات وجود شريحة كبيرة من المتخلفين الذين دخلوا للبلاد بصورة مخالفة للنظام ووجود بعض ضعاف النفوس الذين يتسترون عليهم ويساعدونهم، ولا شك أن وجود أولئك المتخلفين يُعدّ من مؤشرات الخطر على البلاد والعباد، ولو قُضي عليهم لتضاءلت الجريمة بشكل عام والسرقة بشكل خاص، ومن المعلوم أن المتخلف الذي لا يحمل إقامة نظامية لو ارتكب جريمة من الجرائم من الصعوبة بمكان الوصول إليه، ونأمل أن تكون الجهات المختصة وذات العلاقة أكثر اجتهاداً في تتبع أولئك المخالفين لأنظمة الإقامة والسعي في تسفيرهم لبلادهم، ومحاسبة من يساعدهم ويسهل أمورهم.
ومن أسباب وقوع السرقات ضعف الوازع الديني لدى السارق، ولو كان في قلب ذلك المجرم قدر من الإيمان ودرجة من الإحسان لما تجرأ على الإقدام على مثل هذه الجريمة النكراء، لذا نأمل من الدعاة والخطباء والمصلحين أن يكون دورهم بارزاً في الوعظ والنصح والإرشاد لكي ترتفع درجة الإيمان ومنزلة المحاسبة عند الشباب وبهذه الصورة سوف تختفي أو تقل الجريمة في المجتمع.