عيد الأضحى أحد العيدين عند المسلمين (بجانب عيد الفطر المبارك)، يوافق هذا اليوم العاشر من ذي الحجة بعد انتهاء وقفة عرفة وهو يوم الحج الأكبر لقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}التوبة3، وقوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }الحج27. الموقف الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام لتأدية أهم مناسك حج البيت، يعتبر هذا العيد أيضا ذكرى لقصة إبراهيم عليه السلام عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل تلبية لأمر ربه لذلك يقوم العديد من المسلمين بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام (خروف، أو بقرة، أو ناقة) وتوزيع لحم الأضحية على الأقارب والجيران والأصدقاء والفقراء وأهل بيته، ومن هنا جاء اسمه عيد الأضحى.
لكل أمّةٍ مِن الأمَم عيد يأنسون فيه ويفرحون ويشكرون الله على نعمه الكثيرة التي لاتعد ولاتحصى ويعطفون على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والبؤساء والمكلومين ويقضون حاجات المحتاجين ويطهرون قلوبهم من الحسد والبغضاء وأعينهم من الخيانة وأعمالهم من الرياء وقول الزور وألسنتهم من الكذب والنفاق والنميمة، وهذا العيد يتضمَّن عقيدة هذه الأمة الإسلامية وأخلاقَها وثقافتها وفلسفةَ حياتِها، فمِن الأعيادِ ما هو منبثِق مِن الأفكارِ البشريّة البعيدة عن دين الله تعالى، وهي أعيادُ العقائد غيرِ الإسلاميّة، وأمّا عيد الفطر وعيد الأضحى فقد شرعه الله تعالى لأمّة الإسلام، قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً}الحج 34 في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة والنعم الكثيرة، والعيد في معناه الإنساني النبيل يومٌ تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة وعطف ورحمة وعدالةٍ الدين الإسلامي، عُنوانُها الزكاةُ، والإحسانُ، والتوسعة والتيسير والرفق واللين ولين الجانب للعباد والتبسم في وجه مشرق وضاء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة،...) رواه البخاري.
وقال - صلى الله عليه وسلم (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) رواه الحاكم والبيهقي والعيد في معناه النفسي حدٌّ فاصلٌ بين تقييدٍ تخضع له النفسُ، وتَسكُنُ إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له الأنفس لفعل الخير والبذل والعطاء وترق له القلوب، وتلهج الألسنة بذكر الله والشكر و الدعاء والحمد والتسبيح والاستغفار والتهليل.
نهنئ جميع المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها بحلول عيد الأضحى المبارك. وندعو المولى عز وجل أن يجعل هذا العيد عيد أمن واستقرار وإسعاد في سائر أقطار المسلمين والعالم أجمع وأن يجمع كلمة المسلمين على وحدة الصف والكلمة و الود والحب وفعل الخيرات ويهديهم إلى اتباع الحق في القول والعمل إنه سميع مجيب.
أعاده الله على الجميع بالأمن والإيمان والقبول والتوفيق.