تطالعنا الجريدة ببعض الوقائع من أناس يقدمون على إنهاء حياتهم بالانتحار، نتيجة أزمة أو صدمة، ومعلوم أن حياة الإنسان لا تخلو من كدر ونكد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (4) سورة البلد.
والدنيا لا تخلو من بلية، ولا تصفو من رزية، ومن من الخلق لم يصب برزية أو مصيبة؟ وكل يشكو دهره، وغير المسلم تقوده ضغوط الحياة إلى التهور والانتحار، وهذا دليل الفشل والانحدار، أما المسلم فقد لا يتأثر بها وتنتهي آثارها النفسية بنهاية الموقف، وقد يتأثر وتأخذ من تفكيره إلا أنها لا تسبب له أي اضطراب نفسية في سلوكه وفكره ومشاعره، وثالث قد تؤثر فيه وتقعده عن العمل وتجلب له القلق، وقد تمتد تلك الآثار إلى سنوات إذا لم تجد العلاج المناسب، ويشير علماء النفس أن الرضا شعور نفسي من داخل الإنسان، فتجد إنساناً لا يملك من الدنيا شيئاً ولكنه سعيد في داخله، ومصدر ذلك القلب وليس الشهوات، فمن لم يرض بما قسم الله تجده دائماً يطلب المزيد، وليس عيب أن يبحث، لكن المذموم أن يطلب بغير رضا وينظر إلى ما لدى غيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعم الله عليكم) رواه الإمام أحمد.
أ- فمما يبعث على الضغوط التشاؤم وضده التفاؤل، فقد يكون الحدث الذي يعيشه المرء في تلك اللحظة محزن لكنه بطبيعته مشرق، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (216) سورة البقرة.
ب - اللسان وبما ينطق به، {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (53) سورة الإسراء.
ج - تأجيل حل المشكلات وتراكمها قد يصيب باليأس والتعاسة.
د - الفراغ الروحي يزيد في الكآبة والمعاناة.
وثمة إجراءات وقائية:
1- التعلق بالله، فالمسلم يملك ما هو أكثر فاعلية بإيمانه، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
2- الأخذ بالأسباب وبث الأمل مع البحث عن العمل، والتخلص من الجزع والتشاؤم.
3- العفو والتسامح واستحضار عظم أجر العفو والصفح عند الله.
4- نشر الابتسامة وإدخال السرور على من حولك وذكر ما هو إيجابي فمنه يتولد الشعور بالرضا.
5- فعل الخيرات ومجالها واسع {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (97) سورة النحل.
6- الصلاة أفضل وسيلة للوقاية من الأمراض النفسية (يا بلال أرحنا بالصلاة) رواه الإمام أحمد، والله جل في علاه أرشد نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعين بكثرة العبادة على ما يواجهه من ضغوط الحياة للوقاية من آثارها بقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} سورة الحجر (97).
7- التحصين بالأذكار {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
الزلفي