يسعد أبناء الجزيرة العربية كافة بهطول المطر جميعاً، إلا أنّ الأماكن الصحراوية تسعد أكثر ومثلها المواقع التي قلّت أمطارها على طوال العام، ومن أكثر المدن التي تعشق الأمطار عاصمتنا المقدّسة مكة المكرمة ولها ذكريات جميلة مع المطر، ولعلّ من آخرها هطول المطر على الحجيج في اليوم الثاني عشر من شهر حج هذا العام، فبعض الناس يتفاءل بهطول الأمطار ويراها فألاً حسناً وعلامة خير.
وحتى عندما تهطل الأمطار بغزارة كبيرة قد تحدث أضراراً في الممتلكات، فإنّ لدى أبناء الصحراء المتعطشين للماء تفهماً بأنّ المطر هو الماء والماء سرّ الحياة.
أسوق هذه المقدمة، وفي يدي قصة طريفة ساقتها لنا الكثير من المصادر التاريخية، بأنه في سنة من سنوات غمرت الأمطار الحرم المكي الشريف، حتى أنّ الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير طاف بالكعبة سباحة !!
والذين ساقوا هذا الكلام من علماء الحديث والرواية، ساقوها للثناء على عبد الله بن الزبير، بأنه تهيأ له عبادة لم تتهيأ لقليل من الناس وهي الطواف سباحة، إضافة بطوافه بالطريقة المعتادة بالمشي على الأقدام.
قد يبدو هذا الكلام ضرباً من الخيال عند أناس، وقد تكون رواية تاريخية مشكوك في صحتها عند آخرين أو مداعبة، لكن هذا ما أوردته لنا المصادر القديمة، وهو في زماننا هذا رواية يرويها الناس عن تاريخ الحرم المكي الشريف، ويستمد منها العِبَر وشكر الله وشكر ولاة الأمر على هذه العناية الفائقة بالحرم المكي الشريف والتي لا يعدلها عناية، ومنها على سبيل المثال تصريف السيول مهما كانت كثافتها، مع أنّ موقع الحرم المكي الشريف قابل للتأثر بأي سيل كان لموقعه، ولكن فضل الله ثم عناية ولاة الأمر بهذه البقعة المباركة ساعد على ذلك.
حفظ الله لنا حرمينا الشريفين ووفّق ولاة أمرنا، وتقبّل الله من الحجيج عبادتهم وردّهم إلى أراضيهم سالمين.