أعيادنا هذه الأيام بعد أن غادرنا أهمها (عيد الأضحى) لا تخلو من مسحة حزنٍ يلازمها لأسباب بعضها ظاهر يتمثل في معاناة البحث عن الذات أو اللقمة، وآخر خفي يصعب علينا حدسه أو التخمين في طواياه ونواياه، إلا أننا ندرك جدلاً أن مناسبات الأعياد لدينا عرباً ومسلمين لا تخلو من مشهدية تراجيدية لبعض الصور الإنسانية، على نحو استعادة الذكريات الجميلة التي نزعم أنها لن تعود، وكذلك مشاغلة الذات في استعادة صور ومشاهد من رحلوا أو من غابوا أو من سُرِقَت بهجتهم وصودرت بأي شكل أفراحهم. إذ تثير مثل هذه التَّمثلات مزيداً من الشجن، فلا يمكن لك أن تغادر حزنك في هذه الأيام الموسومة بأعياد ما.
وحدها محاولات الفأل هي من تغذ المسير نحو أحلامنا حينما نكون في معية الصغار الذين يلهون بطفولتهم حولنا ليبددو صمتنا باللعب بين رمل وماء وحكايات بريئة وأحلام بعرض الفضاء الذي يظللهم. شيء محزن ومفارقة عجيبة في عيدنا الآن أن بعض الأسر تمنع الأطفال عن تناول الحلوى خوفاً عليهم من السمنة وداء السكر المتربص بنا.
فأعيادنا أعياها النضال من أجل أن ترتق الفارق بين حلم الطفولة وواقع الحياة المعاند في الكثير من الممارسات، ليظل الفرح محاولات مهمة للهروب من منغصات كثيرة، أولها ذلك الوجوم الذي يسيطر على واقعنا.
لا يمكن لنا أن نخفي حقيقة أن أعيادنا تمتلك بفطرية متناهية مساحة من فرح مؤجل ووعود نرحلها عاماً بعد آخر، فما أن نقدم حصراً لتلك المناسبات نجزم أننا في وادٍ والفرح في وادٍ آخر، لنعيد أسباب هذا التفاؤل إلى أننا نمد أواصر القربئ مع أعيادنا من خلال الكثير من قصائد الفرح المحلق والغناء الشجي.. ذلك الذي يبالغ فنانو المرحلة في رصف موسيقاه وتلحينه وأدائه بشكل يوحي للمراقب عن بُعد أنه لا يخلو من تصنُّع وادعاء لمظاهر الفرح في بعض المناسبات، ومن بينها هذه الأعياد التي تودعنا على أمل العودة من جديد ونحن أكثر فألاً.
شيء آخر نحاول فيه تلوين وجه الفرح في أعيادنا، يتمثل في عرض بعض مشاهد كرنفالات الأعراس في ليالي العيد، لنسعى فيها جاهدين استدراج الفرح الغائب في مفاوز الحياة المتضاربة، تلك التي باتت تغزو كل مفاصل قيمنا، لنزعم مرة أخرى أننا بهذه المناسبات نصيب الحقيقة في بحثنا عن الفرح المزدوج بين إطلالة عيد وحضور زفاف يستدر البهجة.
