Monday  22/11/2010 Issue 13934

الأثنين 16 ذو الحجة 1431  العدد  13934

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

 

ديبلوماسية الضمانات التشجيعية الأمريكية هل تقود إلى سلام؟!!
عبدالرحيم محمود جاموس

رجوع

 

تعلن السيدة كلينتون رئيسة الدبلوماسية الأمريكية أنها تبذل وإدارتها جهوداً حثيثة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وأنها ستواصل العمل من أجل خلق المناخ الملائم لاستئنافها، مؤكدة التزام الإدارة الأمريكية بالتوصل خلال سنة لاتفاق سلام يؤدي إلى قيام دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل!!!

وبناء عليه فقد أعلنت الإدارة الأمريكية عن حزمة ضمانات تشجيعية تتمثل في عشرين طائرة من طراز إف 35 المقاتلة المتطورة تقدمها لحكومة إسرائيل بهدف التزام الأخيرة بوقف جزئي ومحدود للنشاط الاستيطاني، والمتفحص لحزمة الضمانات هاته يكتشف ببساطة أنها أخطر من الاستيطان نفسه كما وصفها رئيس الوزراء الفلسطيني، فإنها تمثل خطراً حقيقياً على عملية السلامة وعلى مستقبل القضية الفلسطينية برمتها، فلا يعقل أن يصل حجم الرشا (الضمانات) الأمريكية المقدمة لحكومة اليمين الصهيوني إلى هذا الحد كي تقبل بوقف محدود وجزئي للاستيطان في الضفة الغربية من أجل خلق الأجواء الملائمة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وهذا الحجم من السخاء الأمريكي الذي يخل بشكل مباشر في ميزان القوى في المنطقة، ويعظم من شأن إسرائيل ودورها، وكأن المشكلة الفلسطينية باتت تتمثل في هذا الكرم الإسرائيلي المنتظر بالموافقة على وقف جزئي ومحدود (لمدة تسعين يوماً) للاستيطان في الضفة الفلسطينية ودون القدس الشرقية، متجاهلة الإدارة الأمريكية ودبلوماسيتها أن الاستيطان الإسرائيلي أصلاً عمل غير مشروع، وتجميده يعتبر متطلباً من متطلبات خطة خارطة الطريق، ولا تستحق سلطة الاحتلال المكافأة على تجميده، بل المفروض ترتيب عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية على دولة الاحتلال لاختراقها قواعد القانون الدولي العام وقرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن التي تنهى عن ضم أراضي الغير بالقوة أو نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة بهدف استيطانها.إن المشكلة تكمن في إبقاء واستمرار هذا الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فإذا كانت كل هذه الرشا الأمريكية تأتي من أجل وقف الاستيطان جزئياً ولمدة محدودة فما هي يا ترى الرشا التي يمكن أن تقايض بها الولايات المتحدة حكومة إسرائيل حتى توافق الأخيرة على إنهاء احتلالها وكنس استيطانها من الأراضي الفلسطينية.. لتحقيق رؤية بوش ومن بعده أوباما في ولادة الدولة الفلسطينية؟!! يجب أن تدرك الولايات المتحدة أن إسرائيل دولة احتلال وأن الأراضي الفلسطينية أراضٍ محتلة (وليست أراض متنازع عليها) ولا يجوز أن تمنح دولة الاحتلال أية مكافآت على احتلالها أو استيطانها لها وتجاوزها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن.

لذا فإن الدبلوماسية الأمريكية لا ترى إلا بعين واحدة وهي عين حكومة اليمين الإسرائيلي نتنياهو - ليبرمان ولا تحاول أن ترى بالعين الثانية المصالح العربية والحقوق الفلسطينية المستباحة من قبل سلطات الاحتلال، إن استمرار الولايات المتحدة بسياسة العين الواحدة لن يمكنها من خلق الأجواء الملائمة لاستئناف المفاوضات المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية كما لن يمكنها من رعاية عملية دبلوماسية تفاوضية جادة بين العرب وإسرائيل، إن هذه الدبلوماسية الأمريكية القائمة على سياسة الرشاوي غير المحدودة المعلنة والسرية لحكومات إسرائيل تكشف عن الانهيار الأخلاقي والسياسي للدبلوماسية الأمريكية أمام عقد النقص الإسرائيلية المتراكمة تاريخياً وأمام التطرف الصهيوني في إطار معالجة دبلوماسية الصراع، وكأن المشكلة المؤرقة للمنطقة وللمجتمع الدولي باتت أمن إسرائيل وبالتالي يجري تبرير اختراق الأخيرة لقواعد القانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة بل يجري تبرير استمرار احتلالها لأراضي الغير واستيطانها بالقوة تحت دعاوى تحقيق (الأمن لدولة إسرائيل) أي سياسة وأي دبلوماسية خرقاء تنطلق من هذه الإشكالية يمكن أن تحقق تسوية عادلة وفق الشرعية الدولية؟! وتحقق الأمن والسلام لشعوب المنطقة؟! فلا ضمانة لأمن دولة إسرائيل وفق هذه الرؤية إلا بافتقاد الآخرين من فلسطينيين وغيرهم لأمنهم وحقوقهم وسلامهم ولحقوقهم الترابية هذا المنطق المرفوض فلسطينياً وعربياً ودولياً لا يمكن أن يحقق الأمن والسلام أبداً في المنطقة!!

إن الذي يحتاج إلى ضمانات حقيقية تحميه من استمرار البطش والاحتلال الإسرائيلي هم الفلسطينيون والعرب الذين ينكل بهم يومياً، بواسطة الآلة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية والتي ترعاها الولايات المتحدة وتسهر على تنميتها وتطويرها وتزويدها بأحدث الأسلحة لتواجه الفلسطينيين العزل من كل شيء سوى من عدالة قضيتهم وصبرهم وصمودهم وإقبالهم على الحياة وتصميمهم على انتزاع حقوقهم المشروعة وإنهاء الاحتلال لأراضيهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس أسوة بكل الشعوب، إن استمرار التذرع بإشكالية الأمن الإسرائيلي سواء من حكومة إسرائيل أو غيرها في ظل الوضع القائم يُعد ذريعة أقبح من جريمة الاستيطان نفسها والاحتلال نفسه، فمن حقنا أن نتساءل اليوم كفلسطينيين أولاً وعرباً ثانياً إن كان قد بقي هناك متسع من الوقت لاعتبار المفاوضات خياراً وحيداً لاسترجاع الحقوق المغتصبة في ظل هذه الرؤية الإسرائيلية الأمريكية المشتركة للأمن والسلام في المنطقة والقائمة على النظر بعين واحدة؟! وعلينا أن نجيب على هذه الأسئلة دون تأخير، لأن الزمن لن يعمل دائماً لصالح الصامتين والساكنين.

هذه الرؤية الأمريكية التي لا يمكن لها أن تقود إلا إلى تكريس واستمرار الاحتلال وتكريس الأمر الواقع الذي تفرزه سياساته العدوانية، فإلى أين تسير بالمنطقة على ضوء استمرار دبلوماسية الرشاوي الأمريكية التي ستؤهل إسرائيل إلى القيام بحروب جديدة لن تقتصر على الجغرافيا العربية هذه المرة وإنما قد تتجاوزها كثيراً لتقوم بعملية خلط أوراق جديدة في المنطقة تجعل من الأمن والسلام حلماً مفقوداً للجميع؟!!

* عضو المجلس الوطني الفلسطيني- مدير عام مكاتب اللجنة الشعبية الفلسطينية -

e-mail: pcommety@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة