هذه همسة حانية رقيقة أذكر بها أخي مربي الأجيال وهو الذي لا يخفى عليه شيء من هذه الأمور ولكن تذكير وتنبيه..الغاية منها أجيالنا وأبناؤنا.
أخي صانع الأجيال: تعلم أن القدوة أعظم وسائل التربية.. لأن الطفل وهو يعيش بيننا لابد له من قدوة حسنة لأن من طبيعة الطفل هي محاولة تقليد الذين يحبهم ويحترمهم ويتقمص شخصيتهم مثل الوالدين والمعلمين وغيرهم من مشاهير المجتمع فعليهم أن يكون قدوة حسنة لأبنائنا وشبابنا في الأقوال والأفعال والأخلاق والآداب.
أخي صانع الأجيال: أنت ممن تشرئب له الأعناق تشخص له الأبصار وخصوصا من أبنائنا الطلاب ودورك له الأهمية البالغة لماذا؟ لأنك صانع الأجيال.. والأمة ترى فيك الأمل بعد الله في أن تنتج لهم الجيل الذي تقوم عليه نهضة الأمة وازدهارها. أخي صانع الأجيال: أرجو أن تفتح لي صدرك وأن يتسع لي بالك فمهما قلت فيك وفي شأنك ومنزلتك فلن أوفيك حقك ومهما بذل لك من جاه ومال فلن يساوي معشار ما تقدمه للأمة من علم وخير، إنك تقدم كل ما لديك من صحة وجهد وتتحمل كل عناء ومشقة في زرع الخير في نفوس أبنائنا.
أخي صانع الأجيال: أنا لن أكون لك في هذا المقام واعظا أو معلما؛ بل مذكرًا، واعلم أيضا حق العلم أنك تدرك أهمية وعظم شأن القدوة في المجتمع وأثرها على حياة الأفراد.. ولكن ذكرى لعل الله أن ينفع بها.
تعلم أخي المعلم أن الطالب مولع بتقليد معلمه أليس كذلك؟ ألا ترى إلى عينيه شاخصتان ترقبان حالك ماذا تقول وماذا تفعل، يحاول تقليدك في حركاتك وطريقة كلامك كل ذلك إعجاباً بك وحباً لك.. لذا فالطفل بحاجة إلى قدوة ينهج نهجه ويقتدي به في جميع مبادئه وقيمه وأخلاقه وسلوكه، فكن لهم قدوة حسنة في زرع الخير والصلاح والرفعة وعلو الهمة.
أخي صانع الأجيال: وأن تستقبل عاما دراسيا جديدا قد حملت أمانة التربية والتعليم فيه وأعطيت الثقة الكاملة على ذلك اعلم أن كسب قلوب الطلاب أولى من كسب عقولهم لأن كسب القلوب طريقا لكسب العقول وأعظم الطرق لكسب القلوب الرحمة بهم لأن الرحمة تجعل المرء يرق لآلام طلابه ويسعى لإزالتها أو التخفيف منها، فالرحمة عاطفة حية نابضة بالحب للناس والرأفة بهم والشفقة عليهم، كذلك التواضع وخفض الجناح لهم، فالنفوس جبلت على كره من يستطيل عليها ويحتقرها ويستصغرها أو ينتقدها تجريحا وتوبيخا، كما جبلت على النفرة ممن يتكبر عليها ويتعالى عنها حتى ولو كان ما يقوله حقا وصدقا؛ فإن قلوبهم دون كلامه مغلقة، وصدورهم عن إرشاده وتعليمه موصده.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإحسانُ إنسانا
أخي صانع الأجيال: اعلم أن القدوة شأنها عظيم وأثرها كبير والعكس صحيح فللقدوة السيئة أثرها العظيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.
وأخيرًا أيها المربون: القدوة القدوة، فالإسلام لم ينتشر في بقاع المعمورة بالسيف والعنف والضرب وإنما انتشر بالقدوة الطيبة للمسلمين وحسن التعامل والعدل والساحة التي كانت تبهر أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الإسلام، والخير الذي معنا والعلم الذي تعلمناه لن يؤثر في طلابنا تمام التأثير إلا إذا كنا قدوة لهم فيما نقول ونعّلم شعاره الرحمة ومنهجه الرفق اللين.
فهل يعي صانعو الأجيال هذا الأمر؟