ارتبط اسم سلمان بالرياض، كَبُرَت معه، وتألّقت به، وازدانت بجهده، وأصبحت واحدة من أجمل العواصم العالمية في عهده، وظلَّ يحدب عليها، ويهتم برعايته لها، دون ملل أو كلل، أو شعور بالتشبُّع أو الإحباط، فهي حبيبته وصنعه وعطاءاته الأجمل والأهم في حياته.
***
أعطاها سموُّه من دفق اهتمامه، وقدّم لها من عصارة فكره، ما ميّزها عن مدن عالمية كثيرة، ضمن تدرُّج ومراحل لضبط إيقاع العمل وجودته وجماله، فإذا بلمساته تؤتي أُكلها إنجازاً كبيراً ومهمّاً في بناء عاصمة مبهرة، على النحو الذي تتحدّث عنه شوارعها وأحياؤها ونظافتها وخضرتها، وكلّ الخدمات الكثيرة والكبيرة التي وظِّفت لخدمة سكّانها.
***
ظلّ اهتمام سلمان بن عبد العزيز بالرياض يرافقه في سفره وإقامته، في ليله ونهاره، وأنّى وُجد في الداخل أو الخارج، فسمعه وبصره لا يغمضهما عن الرياض، وأوراقها ومعاملاتها وأوضاعها دائماً بين يديه، ولا شيء يلقى من اهتمامه وعنايته ورعايته ما تلقاه الرياض، فهي معشوقته وهمُّه الكبير، بفكره النيِّر، وحسن إدارته لها.
***
حاول كثيرون محاكاته في عمله، تقليده في أسلوب إدارته، تقمُّص شخصيته في التعامل مع التحدِّيات التي يواجهونها في أعمالهم، والسّعي نحو بلوغ ما بلغه سلمان وما بلغته الرياض من تألُّق مشهود، فبقيت الرياض وبقي سلمان ظاهرة لا تتكرّر، وقدوة لا تستنسخ، دون أن يتخلّى الجميع عن اقتناعهم بأنّ سلمان مرجعية لهم عند اللزوم.
***
أكتبُ هذا عن بعض ما أراه وأعرفه عن شخصية سلمان، وعن علاقته الأزليّة بالرياض، والتصاقه بهمومها وتفوُّقها وتوسُّعها وجمالها، وأضيفُ إليه بعض ما أعرفه عن اهتمامه بكلِّ من اختار الرياض سكناً وإقامة فيها وقد تجاوز عددهم الملايين الخمسة، فيما كان عددهم لا يتجاوز بضع مئات من الآلاف في بداية تسلُّمه لإمارتها، وكلُّ هؤلاء من سعوديين وغير سعوديين يشكِّلون دائماً قلق سلمان وخوفه وخشيته من أن تكون الخدمات التي تقدَّم لهم دون المستوى المطلوب، مع أنّ المشروعات وبرامج الخدمات والمتابعة الدقيقة لها، تأخذ من اهتمامه وتوجيهاته الشيء الكثير.
***
إذاً فلا يمكن أن تذكر الرياض إلاّ وكان سلمان معها ولصيقاً بها، ولا يمكن الحديث عن مشروع صغير أو كبير إلاّ وكان أميرها سلمان صاحب فكرته وإنجازه، وأيّ جمال يأسرك ويلفت نظرك في الرياض فعليك أن تتذكّر دائماً أنّ وراءه رجلاً اسمه سلمان، وكلُّ هذه الإضاءات والمنارات والإشعاعات هي بفضل جهد خادم ومهندس هذه المدينة الجميلة سلمان بن عبد العزيز.
***
بقي الكثير مما ينبغي أن يُقال عن الرياض وعن حاكمها سلمان بن عبد العزيز، فقد أصبحت من حيث سعتها وعدد سكّانها وجامعاتها ووزاراتها والسفارات فيها ومستشفياتها وبنوكها وشركاتها وتنوُّع وعدد مدارسها ووسائل الإعلام فيها وغير ذلك كثير، بمثابة دولة لا عاصمة لدولة، ومع هذا فقد أدارها سلمان بفكره وحنكته وحكمته وتخطيطه ومهابته كما تُدار الدول، مدعوماً ومسانداً من ملوك المملكة الذين تعاقبوا خلال عمل سلمان أميراً للرياض.
***
وإذْ يعود سلمان إلى المملكة، وإلى حبيبته الرياض، فإنه يعرف كم له من حب خالص في وجدان أهله وأبنائه وإخوانه على امتداد الوطن وليس الرياض فقط، وأنه إذْ ينهي فترة العلاج ثم النقاهة الصحيّة عائداً إلى الوطن الغالي، فإنّ هذا الشعب الوفي يعرف أنّ الرياض لم تغب عن ناظريه، وأنّ متابعته لها ولكلِّ متطلّبات أهلها لم يوقفها اضطراره إلى البقاء لبعض الوقت خارج المملكة.
***
أهلاً بسلمان يعود إلى حبه الكبير، ليواصل مشواره بتحقيق المزيد من المشروعات الحيوية لعاصمة المملكة العربية السعودية، يشجعه ويسانده ويدعمه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني، ومعه وإلى جانبه وخلفه مواطنون يقدِّرون كلَّ عمل جليل، ويذكرون بالخير دائماً كلَّ لمسة لسلمان في بناء وتطوير شخصية الرياض نحو الأزهى والأجمل والأروع.