نحمد الله تعالى على ما أنعم به على حجاج بيت الله الحرام من تمام النسك وأداء هذا الركن.. والعودة إلى ديارهم سالمين غانمين مغفور لهم بإذن الله تعالى.
نحمد الله تعالى على أن يسَّر أداء هذه الفريضة التي كانت في سنين خلت أشبه بالحلم الذي قد يتم أو لا يتم.. وإذا تم صحبه مشقة وأتعاب وخوف.. وقد يعود الحاج أو لا يعود.
فلا الطرق مؤمنة.. ولا السبل ميسرة.. ولا الديار آمنة.. ولا الزاد موجود.. ولهذا فإن أكثر الذين كانوا يحجون في سنين مضت.. أو لنقل بعضهم.. قد لا يعودون.
اليوم.. وعندما أصبحت هذه الديار المقدسة في ولاية هذه القيادة المؤمنة الرشيدة.. هذه القيادة الصالحة منذ عهد الملك عبدالعزيز - غفر الله له وأسكنه فسيح جناته - وحتى يومنا هذا.. فقد صار الحج سهلاً ميسوراً آمناً.. حيث تمت تهيئة السبل وتسخير الإمكانيات وتوفير كل ما يحتاج إليه الحاج.. فصار الحج آمناً سهلاً ميسوراً.. وأصبح أشبه برحلة جميلة في صحبة محبوبة موثوقة.
واليوم.. تتضافر جهود الدولة وتتسابق كل قطاعاتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
قطاعات الدولة كلها تنتقل إلى المشاعر المقدسة لتؤدي واجبها تجاه حجاج بيت الله الحرام.
نعم.. كل القطاعات هناك.. بإمكاناتها ورجالها وميدانييها تتسابق لخدمة ضيوف الرحمن.
واليوم.. عندما تزور الحرمين الشريفين أو تزور المشاعر المقدسة.. تجد مشاريع يفوق وصفها؛ إذ لا يمكن أن تكتفي بما كُتب أو نُشر عنها.. أو ما قيل عنها.. حتى تعايشها عن قرب.. أو حتى تكون أحد الحجاج.. وفي كل عام يضاف مشروع جديد ومنجز آخر.
كلنا يعرف مشقة «الرمي» إلى ما قبل سنوات.. وكيف كان صعباً لدرجة أن أكثر الحجاج «يوكّلون» في الرمي غيرهم.. وبالذات كبار السن.
اليوم.. صار الرمي سهلاً ميسوراً، ولكن.. كيف تم ذلك؟ إنها المشاريع والمنجزات العملاقة.
وهكذا المسعى.. الذي كان يكتظ بالحجاج لدرجة أن بعضهم يسقط تحت الأقدام.
اليوم.. صار سهلاً ميسوراً بعد توسعة المسعى، وهكذا.
واليوم.. هناك قطار المشاعر، وهو مشروع آخر جديد قابل للتطوير.. ومرَّ هذا العام بتجربة كانت ناجحة للغاية.. أشاد بها الحجاج.. وفي السنوات القادمة.. سيتم تطويره بإذن الله.
هذا العام.. وقف على صعيد عرفات ما يفوق ثلاثة ملايين شخص.. ما بين حاج وخادم للحجاج.. ووقف على صعيد مزدلفة ومنى ومكة أيضاً ثلاثة ملايين شخص، وسار في طرقها ثلاثة ملايين شخص «دولة كاملة»، ومع هذا.. سارت الأمور كلها بيسر وسهولة وانسيابية في مشهد رائع.. تابعه العالم كله.. بل ذُهل العالم كله.. كيف يتم تيسير أمور ثلاثة ملايين شخص.. أكثرهم كبار في السن.. ويتحدثون أكثر من «300» لغة.. أو ربما أكثر.. ويتبعون لنحو «200» بلد، ومع ذلك.. سارت أمورهم بشكل يفوق الوصف.
هذا من تيسير الله وتوفيقه، وهذا كله بفضله تعالى.. ثم بجهود الرجال المخلصين.. قيادة هذا البلد المقدس.
نحمد الله تعالى على فضله ومَنّه.. وهذه دوماً نتيجة العمل الصالح.. فالعمل المخلص لا بد أن تكون هذه نتائجه.. فله الحمد والمنة.