محمد الرويلي، شاب من الجوف، في سلك الأمن يعمل رقيباً، جندياً ببزته الرسمية يقف بجبهته على ناصية الشمس، يتلقى من لفح السموم، وهدير الزحام، وضيق الطرقات، واختناق المسارات في مكة المكرمة، وفي موسم الحج الأكبر عندما تبلغ مكة ذروة الاستضافة، وأمس الحاجة لاستنفار كل قدم تدب فوق بقعة وإن ضاقت بها الحركة لأن تتصدى جباه أصحابها للنداءات.. ويسجل الرويلي في سجل الواجب والأداء بالغ الأمانة والمسؤولية سطراً مشرقاً بما أشرقت به ناصيته وهو في ميدان العمل..
الجندي أول محمد بن حمدان النصيري الرويلي في أقصى أداء للواجب يساعد امرأة تلد في عربتها وبروحه الإنسانية وبشعوره الجاد نحو المسؤولية لا يتردد في أخذ المعلومة الغائبة عن خبراته من زوجته ليكون في وسط اختناق السير مولداً ويأتي على يديه محمد الجنين الذي صرخ حضوره الأول للدنيا على يديه، وفي مساحة عربة ينزل بها طفلان وأب هلعون من مفاجآت الموقف..
محمد الرويلي نموذج متقدم لرجل الأمن المسؤول، ولرجل الواجب الإنسان، ولرجل المبادرة الحيوية..
هذا هو الموقف الذي يستدعي الحديث عن نماذج تشعر بواجبها فتبذل له وتقف من أجله وتبادر له، ولا تتنصل بدعوى عدم الاختصاص أو الفراغ من الخبرة, كما يستدعي الحديث عن حاجة رجال الميدان في مواقف الضرورة وفي مواسم التضافر، بل في كل لحظة يرتدي فيها أحدهم بزته للعمل، ويزج نفسه في معمعة الواجب والأداء لأن تكون لديه خبرات عامة يتلقاها ضمن دراسته وتعلمه، ليواجه بها الطوارئ، بعضها إلى جانب الإسعافات الأولية، المزيد من الخبرات المناسبة بما يؤهله عند مواجهة الحالات المحتمل حدوثها ما يمكنه من تطبيقها، كمواجهة حالات النزيف العارض، أو الولادة الطارئة، كالتي واجهها محمد وكانت خبرات زوجته معه على الهاتف موجهاً ودليلاً..
مثل موقف محمد الرويلي الجندي الشاب في نفق علي بمكة المكرمة، وحده لا يمر عابراً دون أن يلفت إليه اهتمام من يدرك أهمية ما قام به..
لعله سيتلقى التكريم وأتوقع أن يمنح ترقية يستحقها، بقدر ما أنقذ حياة اثنين المولود ووالدته، دون تردد مع أن مسؤوليته لا تختص بما فعل وإن كانت تمكنه في أقصى ما وصل إليه من تنفيذ القسم بالإخلاص لها ما استطاع..
ولعل ما قام به يذكر أمثاله بأهمية النصوع في مواقف الضيق، والتذليل في مسارات العسر، ونسيان الذات عند طلب الحاجة..
ومن جهة أخرى يلفت إلى الخبرات التي يمكن أن تضاف لبرامج تدريبهم أولئك المنتشرين في ميادين الواجب الأمني..
مني تحية بكل حرف هنا وبكل دعوة في الغيب للشاب الجندي محمد الرويلي في موقفه الجلي بنور البصيرة مع أم (محمد أحمد عمر يسلم) مولود «نفق عمر» بمكة المكرمة في عربة, لحظة ذروة، ما كان لهذا المولود أن يرى النور بسلام، لولا أن سخر له الله هذا النموذج الفذ من شباب الأمن والمسؤولية (الجندي محمد بن حمدان النصيري الرويلي)، فضعوا قصة موقفه الشهم في قراءات الطلاب نموذجاً رائعاً لشاب المسؤولية والعطاء. بارك الله فيه ووفقه.. فلا تنسوا اسمه في سجل نماذجكم.. وحكاياتكم لصغاركم.