الرّموش الذباحة وفتنة البراقع متوالية شعبية، صنعها خيال الشعراء واستقرّت في الذّاكرة عبر أزمنة عربية بعيدة، منذ أن كانت العيون تقتل ثم لا تحيي القتلى بحورها ورمشها الذباح.
بين حدِّ السكين التي تقتل وحدِّ الرّمش الذي يمزِّق الحشا شوقاً وإعحاباً، ثنائية فتّاكة وعلاقة طردية، كلما اتّسعت العين وطال الرّمش وكثف، سنّت السكين أكثر وأصبح السلاح الأبيض صاحياً يقتل العيون النجلاوات قبل أن يقتلن والبادئ أظلم.
يا صاحبة العين التي تفتك ألا تختبئين، ألا تفرّين إلى الصحاري كما كنت تهيمين مع شبيهاتك من الضبا ملهوفات الحشا كحيلات الأعين، وتتركين الأسواق والمدن لأهل الشوارب، دعي بعضهم يحملون ما يشاءون من سكاكين وسياط، وأنت لك الفلا والسماء والفياض والجمر والغضا, والشِّعر الذي يمجِّد عينيك الجميلتين ولا يرفع أمامها سكيناً أبداً.
لا تقولي ذلك برقعي إرث جدّاتي في الشمال وفي نجد وفي الحجاز، لا يعرف هؤلاء جدّاتك ولا تهمهم عوايدك ولا تعنيهم سلومك، إنّ بعضهم مشغول بنشر نقاب طالبان ذي الشق الصغير على العين الواحدة المشبك، ولا يهم لو أمسك بيدك زوجك ليدلّك الطريق ويريك ما يرى، لكن المهم أن تكون وثيقة الزواج والشاهدان اللذان شهدا على زواجكما يرافقانكما لعلّكما تنجوان من تهمة إثارة الفتنة والريبة.
إنني لا أعتب على أحد في قضيّة السكين وفتنة البرقع، قدر عتبي على محمد عبده حين غنّى أغنيته الشهيرة:
ما هقيت إن البراقع يفتنني
لين شفت ظبا النفود مبرقعات
كانت الناس في تلك السنين (منتصف السبعينيات الميلادية)، لا تخلو سياراتهم من هذه الأغنية تنبعث من المسجل، وصورة سميرة توفيق تلتصق بالجزء العلوي من زجاج مقدّمة السيارة.
لقد أسّس محمد عبده لفتنة البراقع وجعلها قارة في ذهن الأطفال في تلك المرحلة، حتى إذا كبروا سعوا لإحيائها من جديد عبر حكاية السكين الشهيرة.
يا رئيس الهيئة الموقّر إننا نرجوك بكلِّ ثقتنا فيك أن تغمد الأسلحة البيضاء لدى بعض منسوبي هيئتك؛ فقد أفسد الطائشون منهم عملاً ناصعاً نحترمه ونجلّه تبذله هيئتك الموقّرة، أعانك الله ووفّقك.