هذا الرجل علامة وعلاًمة فهو علامة «بتخفيف اللام» على التميز، وهو علامة «بتشديدها» في معارفه؛ حتى لتحتار في وسمه عالم لغة أم تأريخ أم أنساب أم جغرافيا أم عوائل أم لهجات أم شعوب، لكنه كلها وفوقها؛ ما يضعه من الموسوعيين الذين بات زمن التخصص يضن بهم، وربما لا يدري كثيرون أنه أول من ألف في الأمثال العامية «خمسة مجلدات»، وهو صاحب أكثر من خمسة وأربعين معجماً «بين مطبوع ومخطوط»، وله أكثر من مئة وخمسين كتابًا في الرحلات نقلتنا معه إلى «كل» - والكل هنا حقيقة لا مبالغة - بلاد الدنيا، عدا دراساته وتأليفه التي شملت الإنسان والحيوان والنبات.
مؤسسة في رجل رزقه الله دأَبًا ومقدرة وإخلاصًا؛ فلم يشغل نفسه بغير عمله الرسمي وتخصصه البحثي فأنتج ما ينوء به أولو العزم والفهم، ولم يمنعه ذلك من كتابة مقالات للصحف يتصل معظمها بالكتب؛ وبخاصة ما يوافق ذائقته منها، ونظل نسأل عن وقته كيف يقضيه فنعرف منه ومن قلة تشبهه أنه يتسع للكثير، لكننا نرضى إضاعته بل نتقن ذلك باحتراف نادر، وبينما فاقت مؤلفات شيخنا المئتين فإن في أكاديميينا وذوي التخصص ممن يمضي عمره دون ناتج أو إنجاز.
العلامة الشيخ محمد بن ناصر العبودي رمز شامخ تسمو قاماتنا الثقافية بتكريمه في محفل كريم كبير مساء بعد غد السبت، داعين لمعاليه بطول العمر وسداد العمل.