|
الجزيرة - الرياض :
أعدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إستراتيجية للأمن الحضري تحقق التلازم بين مسارات الجهود التخطيطية والتنفيذية في المدينة مع الجهود الأمنية، متبنية المنهجيات والأساليب الحديثة لدعم الجهود المبذولة في مكافحة الجريمة بكافة أنواعها، ووضعت الإستراتيجية خطة تنفيذية مشتركة لكافة الجهات المعنية، جرى استعراضها في الاجتماع الخاص بمناقشة نتائج دراسة إستراتيجية الأمن الحضري لمدينة الرياض، الذي عقد برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في مساء العشرين من ربيع الآخر 1431هـ بمقر الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بحضور الجهات المعنية، التخطيطية والتنفيذية والأمنية.
منهجيات حديثة
تحدثت مجلة تطوير الصادرة عن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن الخطة ومن ذلك قولها: خلال العقود الماضية، شهدت المملكة بفضل الله، نهضة تنموية شاملة، تستدعي النظر في تلازم مسارات الجهود التخطيطية والتنفيذية مع الجهود الأمنية، وهو ما تم التركيز عليه في إستراتيجية الأمن الحضري لمدينة الرياض التي أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
منهجيات حديثة
كما تتبنى الإستراتيجية، المنهجيات والأساليب الحديثة للأمن الحضري لضمان تكاتف الجهود التخطيطية والتنفيذية في دعم الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية في مكافحة الجريمة بكافة أنواعها، وذلك باستخدام منهجية الوقاية من الجريمة من خلال تخطيط البيئة الحضرية (CPTED) التي يتم تبنيها في الوقت الحاضر من قبل الجهات التخطيطية في المدن الكبرى في العالم، حيث سيتم وضع خطة تنفيذية مشتركة بين كافة الجهات من أجل توفير بيئة حضرية آمنة.
وقد شهد الاجتماع مشاركة الجهات التخطيطية والتنفيذية ممثلة بإمارة منطقة الرياض، الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وأمانة منطقة الرياض، والقطاعات الأمنية ممثلة بالأمن العام، وشرطة منطقة الرياض، والإدارة العامة للدوريات الأمنية، وجوازات منطقة الرياض، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة الرياض، وسجون منطقة الرياض، وإدارة دوريات الأمن بمنطقة الرياض.
75 ورشة عمل لجمع المعلومات
وخضعت إستراتيجية الأمن الحضري بمدينة الرياض إلى ثلاث مراحل رئيسية، حيث ركزت المرحلة الأولى على جمع وتحليل المعلومات الخاصة بالجريمة من قبل القطاعات الأمنية، إضافة إلى تنفيذ ورش عمل مركزة بلغت نحو (75 ورشة عمل) شملت عينات من سكان المدينة، والعاملين بالأجهزة الأمنية، ونزلاء السجون، تم في هذه المرحلة بناء المعلومات الخاصة بالجريمة في مدينة الرياض، والتعرف على حجم المشكلة وأنواعها وتحديد اتجاهاتها وصورها والأسباب الرئيسية التي تقف خلفها، إضافة إلى تقييم آليات العمل المتوفرة، والأساليب الحالية المتبعة لمكافحة الجريمة من قبل الأجهزة الأمنية.
تحليل البيئة العمرانية
وفي المرحلة الثانية من إعداد الإستراتيجية تم التركيز على الجانب التخطيطي، من خلال تحليل البيئة العمرانية في المدينة، وتحديد الأحياء التي ترتفع فيها معدلات الجريمة، وقد تكون مصدراً للجريمة في أحياء أخرى بالمدينة.
خطط وسياسات ومهام
وفي المرحلة الثالثة من المشروع، تم تحليل معلومات الجريمة وتقييم أداء العناصر الرئيسية المرتبطة بالجريمة، والأساليب الحالية المتبعة لمكافحة الجريمة، ثم وضع الإستراتيجية النهائية للأمن الحضري بمدينة الرياض، شاملة الخطة التنفيذية للمشروع، والسياسات والآليات اللازمة، ومحدداً بها المهام والمسؤوليات الخاصة بالجهات ذات العلاقة.
منهج علمي لمواجهة الجريمة
وخرجت إستراتيجية الأمن الحضري بمدينة الرياض بحقائق رئيسية من أهمها، ارتباط النمو الحضري لأي مدينة واتساع مساحتها وتنوع استعمالات الأراضي فيها، بزيادة معدلات وأنواع الجريمة، مما يفرض على الأجهزة الأمنية في المدن أعباء إضافية.
فالجريمة ظاهرة متغيرة ومتطورة، لذا ركزت الإستراتيجية على المنهج العلمي لمواجهتها، وذلك من خلال تسخير تقنية المعلومات، كغرف العمليات الحديثة التي تعتمد على الخرائط الرقمية لمدينة الرياض في متابعة الوضع الأمني بشكل مباشر من خلال تتبع البلاغات والمركبات، وكاميرات المراقبة، وبناء سجلات المعلومات المحدثة والمتطورة وغيرها.
خطة تنفيذية للإستراتيجية
أما الخطة التنفيذية للإستراتيجية، فاشتملت على مهام إضافية مقترحة للجهات الأمنية، وبرامج خاصة بتحسين البيئة الحضرية في مدينة الرياض، حيث ركزت المهام المتعلقة بالجهات الأمنية على أهمية بناء قاعدة بيانات ومعلومات الجريمة في القطاعات الأمنية، وإنشاء القاعدة المركزية لمعلومات الجريمة بمدينة الرياض، والتنسيق وتبادل المعلومات بين الجهات الأمنية في مدينة الرياض، إضافة إلى مهام تتعلق بأهمية نظم الاتصالات، واستخدام التقنيات الحديثة، والتدريب.
كما ركزت الخطة التنفيذية للإستراتيجية، على البرامج الخاصة بتحسين البيئة الحضرية في المشاريع التي تدعم الجهود الأمنية، مثل: وضع نظام التسجيل السكني، الذي تعمل عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بالتعاون مع كل من: وزارة العدل، مركز المعلومات الوطني، أمانة منطقة الرياض، مصلحة الإحصاءات العامة وغيرها، ويعنى بربط معلومات السكان والأسر في مدينة الرياض بمكان وعنوان الإقامة.
نظام للتسجيل السكني
ولنظام التسجيل السكني دور رئيسي في تحليل العلاقات المتبادلة بين الجريمة وموقعها ومرتكبها، وتوفير الآليات الخاصة بالجهود الأمنية في المتابعة والمراقبة والإجراءات الوقائية.
وشملت البرامج الخاصة بتحسين البيئة الحضرية في المدينة أيضاً، مشاريع أخرى خاصة بوضع منهجيات الوقاية من الجريمة من خلال تخطيط البيئة الحضرية، وذلك على أساس أن الجريمة والعنف تعد من المشاكل الحضرية الرئيسية التي تهدد نوعية الحياة في المدن وتؤثر على الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية فيها.
جوانب اجتماعية واقتصادية
ولكون الجريمة ظاهرة اجتماعية، وضعت الإستراتيجية أهمية خاصة على مكافحة الجريمة من خلال تحسين الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لمناطق محددة في المدينة، والتركيز على شرائح اجتماعية معينة، وذلك من خلال إستراتيجية التنمية الاجتماعية لمدينة الرياض التي تعدها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض حالياً، بالتعاون مع وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية و15 جهة أخرى حكومية وخيرية خاصة.
وتعنى هذه الإستراتيجية بوضع الآليات الخاصة بمكافحة البطالة، وتخفيض نسبة الفقر في مدينة الرياض، على اعتبار أنها من الوسائل الفعالة في توفير الأمن وتقليل مخاطر الجريمة.
كما أن الإستراتيجية تسعى إلى خلق الشراكة المجتمعية وتوفير البيئة المناسبة للمشاركة السكانية في دعم الأمن، حيث أولت أهمية خاصة بتفعيل المشاركة السكانية، على اعتبار ذلك العنصر أحد الأهداف الرئيسية للإستراتيجية.
فالإستراتيجية هي ثمرة جهود مشتركة من جميع القطاعات والجهات ذات العلاقة، التي شاركت في جميع المراحل، ووفرت جميع الإمكانيات المتاحة، حتى خرجت الإستراتيجية بالتوصيات والآليات التنفيذية القابلة للتطبيق.