عندما لا تجد أمامك سوى شقة مفروشة معفنة (بالمعنى الحرفي للكلمة) وبإيجار 400 أو 500 ريال في اليوم، فهل تستأجرها وتتنكد طيلة أيام العيد، نكد ما صار ولا استوى، أو تعود أدراجك إلى «بيتي يا بويتاتي»، وبلا سياحة برئية وبلا كلام فاضي؟!
تعبنا ونحن نسرد تجاربنا مع السياحة الداخلية المتعبة. وبعد كل هذا التعب في السياحة وفي السرد، لا نجد ولا أذناً واحدة تصغي لما نقوله. فهل المشكلة في قصصنا القريبة من الخرافات مع الشقق المفروشة والاستراحات، أم في مسؤولينا الذين لا يعرفون من الشقق الفروشة إلا شقق لندن وباريس وجنيف وشرم الشيخ ودبي ؟! مهما كان من أمر، فإن واقع الشقق المفروشة والمرافق السياحية في مدننا التي يفترض أن تكون سياحية، مثل عنيزة وحائل والباحة والطائف وأبها والدمام وجدة، هي من الوقائع التي جعلتنا نكره أي شيء اسمه سياحة داخلية. ولكي تصدقوا ما أقول، فما عليكم إلا أن تستمعوا لكل من تسيَّح في عطلة الأضحى، في المدن التي ذكرتها، ثم تستمعون للذين أطلقوا العنان لسيقانهم لكي تركض في «البرّان»، وسوف تكتشفون في النهاية، أن السياحة «فوق الرمال الحمر» (مع الاعتذار لأغنية سعد إبراهيم)، بكل ما فيها من التربات التي تدخل في مسامات خلاياك الدموية، أروع بكثير من السياحة المدنية التي تنفض جيبك نفضاً بقوة 380 فولت.