في يوم الثلاثاء العاشر من ذي الحجة كنت ضمن قيادات الحج المكلفين بخدمة ضيوف الرحمن، والمتشرفين بالالتقاء بصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، عندما استقبل سموه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ضيوف الحج والقيادات الأمنية المشاركة في المهمة، ونما إلى علمنا ونحن في مجلس سموه أن قائدنا ومليكنا المحبوب قد ظهر على شاشة التلفاز مطمئناً شعبه ومحبيه أنه بخير، وتأكدنا لاحقاً في ذات المساء عندما شاهدنا عبدالله بن عبدالعزيز يستقبل عدداً من مواطنيه في مجلسه العامر بالرياض، وهو يلبس لباس العافية ويتحدث إلى المواطنين بأنه بخير طالما شعبه بخير، هذه هي الفرحة الغامرة التي عمت أرجاء الوطن وتخطته إلى حجاج بيت الله الحرام من العالمين العربي والإسلامي المتواجدين معنا في المشاعر المقدسة، الذين يلهجون بالدعاء الصادق والمخلص لخادم الحرمين الشريفين، الذي سهل لهم حجهم ويسر لهم نسكهم ووفر لهم الرعاية والعناية وتوفير الأمن والسلامة بعد الله سبحانه وتعالى، بأن يسبع عليه الصحة وأن يبارك له في عمره لخدمة الإسلام والمسلمين، أما الفرحة الثانية التي غمرت منسوبي الحرس الوطني بصفة خاصة، فكانت يوم الأربعاء الحادي عشر من ذي الحجة وفي مشعر منى حيث مخيم الحرس الوطني المعني بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن، وبينما نحن نؤدي واجبنا في خدمة الحجيج، شاهدنا على شريط الأخبار في التلفاز خبراً عاجلاً مفاده، صدور الأمر الملكي الكريم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزير دولة وعضو في مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني. لقد عمت التباشير وساد الفرح وتبودلت التهاني بين المنسوبين، حيث أثلج هذا الأمر الملكي الكريم أفئدة منسوبي الحرس الوطني مدنيين وعسكريين، وكان توقيته بمثابة هدية العيد ووسام الإنجاز لمهمة الحج من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرجال الحرس الوطني المشاركين في الحج، كيف لا ومتعب بن عبدالله يمثل بالنسبة لنا القلب النابض والعمود الفقري لجهاز الحرس الوطني التنظيمي، فهو من المعاصرين الفاعلين لمسيرة الحرس الوطني منذ التحاق سموه بالخدمة العسكرية وانضمامه إلى دفعة ضباط الحرس الوطني المبتعثين إلى كلية سانت هيرست الحربية ببريطانيا، حيث انخرط في برنامجها التعليمي والتدريبي الشاق الذي لا يميز بين الطلاب العسكريين فجميعهم خاضعون للتدريب دون تفرقة، ولم يلتحق متعب بن عبدالله بتلك الكلية من أجل تحقيق جاه أو مال أو منصب، فهو آنذاك ابن رئيس الحرس الوطني عبدالله بن عبدالعزيز، ولكنه التحدي وحب العمل العسكري وقوة العزيمة وبعد النظر والإستراتيجية العليا التي رسمها لنفسه متعب بن عبدالله، متحملاً في سبيل ذلك اقتحام الصعاب وخوض التجربة العسكرية بكل ما تعنيه من الشدة والقوة، ومقدماً تحقيق الهدف المنشود على رفاهية ورغد العيش الذي كان بإمكان سموه أن يستمتع فيه بعيداً عن مشقة الحياة العسكرية، كان متعب بن عبدالله مثالاً للطالب الجاد والقوي بشهادة المدربين البريطانيين الذين دهشوا من ارتفاع معنويات هذا الطالب الأمير الذي آثر الصعوبة على الراحة والدعة، وتخرج متعب بن عبدالله ضمن زملائه برتبة ملازم، وعين كغيره من زملاء الدفعة ضابطاً في مدارس الحرس الوطني، فكان أول منصب له هو مساعد ركن التدريب بمدارس الحرس الوطني العسكرية، ثم آمر المدرسة العسكرية لتخريج الضباط، فقائداً لكلية الملك خالد العسكرية، ثم نائباً لرئيس الجهاز العسكري بالإضافة إلى عمله قائداً للكلية، بعد ذلك نائباً لرئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية، ثم نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية، وخلال هذه المسيرة العطرة كانت بصمة الأمير متعب بن عبدالله واضحة على مسيرة الحرس الوطني وتطويره، ولم يقتصر تفكير واهتمام سمو الأمير متعب وتخطيطه على الجانب العسكري فقط تنظيماً وتحديثاً وتسليحاً، وإنما شمل مجالات أخرى متنوعة اجتماعية وصحية وحضارية، فاهتم بمتابعة أوامر وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بضرورة تطوير الحرس الوطني السكنية ومنشآته الصحية في جميع أرجاء الوطن التي يتواجد فيها الحرس الوطني، هذا فضلاً عن تنظيم وإقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة تحت مظلة الحرس الوطني والرعاية الشخصية من خادم الحرمين الشريفين وإشراف مباشر ومتابعة حثيثة من سمو الأمير متعب بن عبدالله، وبعد هذا السجل الحافل من العطاء الوطني المتواصل عبر المناصب المتعددة التي تبوأها متعب بن عبدالله لخدمة الدين ثم المليك والوطن صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله رقم أ-163 وتاريخ 11-12-1431هـ بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني، وقد سئل صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني فور تسلمه هذا المنصب الرفيع، سئل عما أوصاه الملك عبدالله -يحفظه الله-، فقال سموه: أوصاني بعبارة واحدة (يا متعب، الحرس الوطني أغلى علي من عيالي واليوم أشيله من ذمتي وأضعه في ذمتك)، ورد سموه على الملك (كلنا في ذمتك إن شاء الله، والله يعيننا ويقدرنا على أن نخدمك بأي شيء نستطيع أن نقوم به). وأضاف سمو رئيس الحرس الوطني قائلاً: (الحرس الوطني ليس غريباً عني ولست غريباً عنه، لن أقول إنه جزء من حياتي بل هو حياتي كلها التي قضيتها فيه مع زملائي) فنعم الموْصي ونعم الموصّى، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، عندما أبان لرئيس الحرس الوطني الجديد، بأن الحرس الوطني أغلى عليه من عياله، فهو بهذه المشاعر الفياضة تجاه الحرس الوطني، يصدر توجيهاً شاملاً من خلال عبارة موجزة تعادل وثيقة عمل هامة وتسلم أمانة غالية من قائد ومؤسس ورئيس حرس وطني سابق إلى رئيس جديد وقائد معاصر وأمين على هذه الأمانة الغالية، إنها الثقة الملكية التي أولاها خادم الحرمين الشريفين إلى رجل يستحقها وهو أهل لها.. سر يا رئيس الحرس الوطني على بركة الله فنحن جنودك المخلصين وأنت قائد محنك نتشرف بقيادتك، فلك منا السمع والطاعة والجد والاجتهاد والعمل المخلص، الذي عاهدنا الله سبحانه وتعالى أن نبقى عليه تحت كل سماء وفوق كل أرض، بقيادة القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وسموكم الكريم.
jarman4444@yahoo.com