كيف يفرض الإنسان احترامه في المجتمع؟ أو كيف يحصل الإنسان على احترام الناس في المجتمع؟ قد تختلف النظرة حول ذلك، وفيما إذا كان الاحترام يأتي عفوياً من الناس، أم أن الإنسان يفرض احترامه على الناس بما يحمله من علم ومعرفة أو يتسم به من خلق وأدب؟ وذات مرة سئل أحد الحكماء لماذا لا يتقدم الناس ويجلس في الصف الأول مع علية القوم، فقال؛ الصف الأول هو حيث أجلس. ويصر كثير من الناس على تصدر المجالس وهم يعتقدون أن التصدر وجاهة، ولا يفهمون أن الصدارة تأتي من محبة الناس، والاحترام يأتي من محبة الناس. والناس تحب من يزدان علمه وعمله بالأدب والأخلاق وحسن المعاشرة. ومن ثم فلا يمكن أن يفرض الإنسان حبه على الناس إن لم يعرف كيف يتعامل معهم، فالاحترام لا يأتي بالألقاب الرنانة. لقد أفرطنا في النفاق الاجتماعي وأسبغنا الكثير من الألقاب على بعض الناس بدون وعي أو مسؤولية، وشكل هذا الأمر ظاهرة اجتماعية ملفتة للنظر، وأصبح كل شخص يوصف بأنه رجل المال والأعمال المعروف أو فضيلة الشيخ أو سماحة الشيخ أو سعادة الأستاذ أو صاحب المعالي، أو غير ذلك من الألقاب التي يفترض أن يخضع خلعها على أي إنسان إلى ضوابط موضوعية وأن لا يترك الحبل على الغارب ويصبح الأمر كما هو عليه الآن من الفوضى التي تصل إلى درجة الاستهتار. وصدق السيد عبدالله عبدالرحمن الجفري، -رحمه الله- في وصفه لهذه الظاهرة بقوله «الألقاب ليست سوى وسام للحمقى.. أما الرجال العظام فليسوا بحاجة لغير اسمهم» (جريدة عكاظ - العدد 14126). إن هذه الظاهرة نوع من النفاق الاجتماعي الذي ساد في المجتمع وأصبح الكثير من الناس يمارسونه بدرجة كبيرة من الاستهتار واللامبالاة حتى لم تعد للألقاب قيمة أو معنى. فمتى نعطي كل إنسان المكانة التي يستحقها؟ ومتى نضع كل أمر في نصابه؟ ومتى نستخدم الألقاب بموضوعية؟ ومتى نحترم عقول ومشاعر الناس؟ أسئلة ثكلى ستظل مشرعة إن لم يتجاوز المجتمع مشكلة النفاق الاجتماعي.
*رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض